إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الإخوة في الله! هذا هو موقف الأمة الإسلامية من أعدائها، والأمة الإسلامية أمة ذات عقيدة جاءت من عند الله ناسخة لكل الأديان، وحيث إن هذه العقيدة أُنزل فيها أعظم وأحسن كتاب أنزل إلينا من ربنا، فإن الأمة الإسلامية يجب أن تكون لها شخصية مستقلة تنفرد بها، ولا تذوب في الأمم، لاسيما من أعدائها الكافرين، وهذه الآيات التي سمعتموها حدد الله عز وجل فيها موقف المسلمين من جميع فئات الكفر: من أهل الكتاب اليهود والنصارى، ومن المشركين الوثنيين، ومن المنافقين، ومن المرتدين من المسلمين المارقين عن الإسلام.
ولذلك فإن هذه الآيات حددت موقف المسلم من كل هذه الفئات، فلا تظنوا أن موقفنا واضح مع اليهود والنصارى أو مع الوثنيين فقط، لكن حتى مع المنافقين العلمانيين والمندسين في صفوف الأمة الإسلامية والمرتدين عن الإسلام، قال عز وجل:{مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة:٥٤]، حتى لو كان يحمل في جيبه الهوية الإسلامية، ولو كان يعيش في بيت مسلم ومن أبوين مسلمين، لابد أن يناله نصيبه من هذا الولاء والبراء إذا انحرف عن دين الله عز وجل.