للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من صفات زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم التقوى]

فالصفة الأولى: هي التقوى: قال: (إِنْ اتَّقَيْتُنَّ) والتقوى صفة جميلة محبوبة في كل خلق الله، لكنها في المرأة أجمل وأحسن؛ لأسباب وأهم هذه الأسباب: أن بعد المرأة عن التقوى خطر عظيم، وليس خطراً على المرأة وحدها فحسب، بل هو خطر على المجتمع؛ لأن أعداء الإسلام في كل عصر وخاصة في هذه الفترة المعاصرة يحرصون كل الحرص على أن تخرج المرأة عن جانب التقوى ليفسد المجتمع؛ لأنهم جربوا كل الأمور ففشلت، ورأوا أن أقرب طريق لحرف الأمة الإسلامية إنما هو المرأة، وهذا عن تجارب مروا بها مع المسلمين: أولاً: جربوا المسلمين بالمواجهة المسلحة، فأصبحوا يواجهون جبالاً، قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم:٤٦]، وأصبحت الأمة الإسلامية لا تغلب، ولو غلبت في معركة من المعارك فإنها تلم شملها في أسرع وقت ممكن، ثم بعد ذلك تعود لها قوتها في الحال، كانت غزوة الأحزاب، ثم كانت حروب أخرى، ثم كانت الحروب الصليبية، ثم كان الغزو التتري، ثم كان ثم كان حروب كثيرة، بعضها تنتصر فيها الأمة الإسلامية، وبعضها ربما تنهزم فيها في الظاهر، لكنها تستعيد مكانتها في أقرب وقت ممكن.

إذاً: فشلت هذه المؤامرة، حتى جاءت الشيوعية تحمى بقوة الحديد والنار، وانتهت الشيوعية وما ارتد مسلم واحد من سبعين مليون مسلم في بلاد الشيوعية عن الإسلام ودخل في منهج الشيوعية أبداً.

ثم سقطت الشيوعية وأنهت دورها في هذه الحياة، وجاءت أفكار أخرى قومية وناصرية وعلمانية وهي الآن قد بدأت تهتز، وكلها تساقطت.

إذاً: ما هو الطريق لحرف الأمة الإسلامية؟ الطريق هو المرأة، وهذه الفكرة الجديدة التي هي فكرة المرأة ليست جديدة، لكنها تتكرر في كل عصر وفي كل فترة، وفي أيامنا الحاضرة بعدما فشل غزو الأفكار جاء غزو الشهوات، وغزو الشهوات خطير، والدليل على خطورة غزو الشهوات ما يجده الإنسان بطبيعته الفطرية البشرية من ميل إلى المرأة قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ} [آل عمران:١٤]، لكن هذه الفطرة تتأثر بالعقيدة، ولذلك فإن أعداء الإسلام لا يريدون أن تنحرف الأخلاق فقط، وإنما يريدون أن تنحرف العقيدة، لكنهم يريدون من خلال انحراف الأخلاق أن تنحرف العقيدة تبعاً، فهم يريدون أن تسقط هذه الأمة من عين الله حينما تقع فيما حرم الله، ثم بعد ذلك تسقط في مهاوي الضلال والردى بالنسبة للمعتقدات الفاسدة، ولذلك ركزوا على المرأة في أيامنا الحاضرة، وهذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله في آخر الآيات.

أما التقوى هنا فهي أمر مهم دائماً وأبداً لا سيما بالنسبة للمرأة، ولذلك تجدون المرأة في مجالها الخاص تتقدم على الرجل، وما تقدمت على الرجل في القرآن ولا في السنة إلا في موضع واحد؛ لأن هذا هو الذي يهم أعداء الإسلام، وهو أن تقع في الفاحشة نعوذ بالله، ولذلك لو تتبعت آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحاديث من جاء بعده من سلفنا الصالح ما وجدت المرأة تتقدم إلا في آية واحدة وهي قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:٢]، ولعل المسلمين ينتبهون للسر في ذلك، وهو ما تملكه المرأة من وسائل الإغراء.

إذاً: هذا هو أهم سر في هذا الأمر، لذلك التقوى -التي هي امتثال أوامر الله عز وجل، واجتناب نواهي الله عز وجل، ولو كان في ذلك معصية النفس والهوى والشهوات- هي أفضل طريق لحماية المرأة في الدرجة الأولى، ولحماية المجتمع في الدرجة الثانية.

ولذلك يجب أن تتسم المرة بالتقوى التي هي خشية الله؛ لأن عندها دوافع وعواطف ومغريات، وأمامها إعلاماً فاسداً منحرفاً جاء مرتباً له في كل بلاد الإسلام من أجل أن تنحرف عن الجادة المستقيمة، ولذلك فإننا نقول: يجب على المرأة ألا تنظر إلى هذه المخططات؛ لأن لديها منهجاً عظيماً هو هذا القرآن العظيم: (إِنِ اتَقَيْتُنَّ) فإذا لم تتق الله عز وجل فلا خير فيها.