للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الله على المنافقين أعداء الفضيلة]

أيها الإخوة! هؤلاء المنافقون إن لم ينتهوا ما هو مصيرهم؟ قال تعالى: {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً} [الأحزاب:٦٠]، هؤلاء المنافقون، والذين في قلوبهم مرض، والمرجفون في المدينة إن لم ينتهوا عما يفعلون من الدس في الإسلام، ومن الطعن في المرأة من جانب خفي، ومن أذية الأمة الإسلامية، ومن السعي لإفساد المجتمع بعد إفساد المرأة، إن لم ينتهوا ليكونن الإغراء عليهم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم موجوداً فلمن من يكون الإغراء؟ للأمة الإسلامية من روضة الأنبياء الذين ورثوا هؤلاء فيغريهم الله عز وجل حتى يدافعوا عن دين الله، وحتى يدافعوا عن حياض الشرف والفضيلة.

ندعو علماء المسلمين إلى أن ينتبهوا لهذا الخطر، فإن في ساحتنا اليوم وفي عالمنا وفي دنيا الناس مرجفين كثيرين، وفيها قوماً في قلوبهم مرض، وفيها منافقين، وهؤلاء لا يدفعون إلا لعلماء المسلمين الربانيين الذين يشعرون بهذه المسئولية، نرجو من هؤلاء أن ينتبهوا لخطر هؤلاء حتى لا يستفحل، فإنهم إن تركوا يعبثون، فإنهم سوف يغرقون هذه السفينة التي لا بد أن يدافع عنها العقلاء، والله تعالى يقول: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:٢٥١]، ويقول تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} [الحج:٤٠]، فهل دفع هؤلاء العلماء الذين أخذ الله عز وجل عليهم العهد والميثاق، وأتباع العلماء من طلبة العلم والصالحين والأتقياء؛ هل دفعوا هؤلاء الذين يريدون أن يخرقوا هذه السفينة، والذين يريدون أن يفسدوا في الأرض؟ أنا أدعو كل ذي عقل وإيمان، وكل ذي علم -أياً كان هذا العلم- أن يدخل الساحة اليوم، لا ليدافع عن دين الله عز وجل، ولا عن كرامة هذا الدين، فإن الدين محفوظ بحفظ الله عز وجل، فالله تعالى يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩]، ولكن يدخل ليدافع عن محارمه؛ لأن ما أصاب محارم غيرك لا بد أن يصل إلى محارمك؛ لأن هذا المجتمع كله سفينة واحدة تطفو على محيط متلاطم الأمواج، فإن تركنا هذه السفينة يعبث بها هؤلاء العابثون ويخرقوها ولو بحسن نية، فويل يومئذ للفضيلة من الرذيلة، ولذلك حكم الله تعالى على هؤلاء قال: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} [الأحزاب:٦١]، في أي مكان وجدوا في أي زمن وجدوا هم ملعونون.

ونحن هنا نطمئن على دين الله؛ لأن الله تعالى حكم عليهم باللعنة أي: الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وأيضاً بالفشل في مخططاتهم، فإنهم لا يستطيعون أن ينالوا من دين الله تعالى عز وجل شيئاً، وإنما هو أذى، لكنهم ربما يتسلطون على هذه المرأة المسكينة في أيام غفلتها وهي تصدق هؤلاء العابثين فتخرج عن إطارها الذي رسمه الله عز وجل، أما هم فكما قال الله تعالى: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} [الأحزاب:٦١]، طردوا من رحمة الله، وهم سيقتلون، ولا يمكن أن يعدوا قدرهم؛ لأن الله تعالى رب هذا الدين، وللدين رب يحميه.