فالمسلمون لما استغاثوا بالله تعالى في بدر قال لهم:{فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:٩]، وجيء بالفاء التي تدل على السرعة، ولذلك ما كاد الرسول صلى الله عليه وسلم ينهي تضرعه بين يدي الله عز وجل في ليلة بدر حتى نزلت الملائكة مع الفجر، فقبل أن تبدأ المعركة أمر الله عز وجل فرقة من الملائكة تتكون من ألف مردفين، يعني: كل واحد معه مجموعة، فبلغ المجموع خمسة آلاف جندي نزلوا من السماء، وواحد منهم يستطيع أن يحمل الأرض كلها بجناحه ويقلبها على الأرض، ولكن الله عز وجل يريد أن يطمئن المؤمنين بهذا العدد.
قال سبحانه:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:٩]، فلماذا استجاب؟
الجواب
استجاب لأن الاستغاثة كانت بالله عز وجل وحده، لو كانت استغاثة بالمخلوق لما حصل لهم النصر؛ لأن الله تعالى يقول:(أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، كما في الحديث القدسي.
وقوله عز وجل:{فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:٩]، السين أيضاً تدل على السرعة، كما أن الفاء تدل على السرعة، أي: فاستجاب لكم في الحال، وماذا استجاب لهم الله عز وجل؟ قال عز وجل:{أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}[الأنفال:٩]، وفي قراءة سبعية:(بألف من الملائكة مردَفين)، وسواء كانوا هم أردفوا غيرهم أو أردفهم غيرهم فالمهم أن العدد بلغ خمسة آلاف، كما أشار الله تعالى إلى ذلك في سورة آل عمران بقوله:{بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ}[آل عمران:١٢٤]، ثم بين بعد ذلك فقال:{بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}[آل عمران:١٢٥]، يعني: معهم السلاح.
إذاً: واحد يردف مجموعة معها اثنين يصبح العدد ثلاثة، وواحد يردف معه أربعة يصبح العدد خمسة، والعدد (خمسة) مضروب في (ألف) يصبح العدد خمسة آلاف، فليس هناك تعارض بين آية آل عمران وآية الأنفال.