إذاً: الاستقامة أيها الإخوة لها أسباب، وعوامل، والانحراف أيضاً له أسباب، ولعل من أهم عوامل وأسباب الاستقامة: اختيار الزوجة الصالحة، والبيئة الصالحة، والبيت الصالح: حينما تتوفر هذه العوامل الثلاثة تكون عاملاً مهماً من عوامل الاستقامة، زوجة صالحة (فاظفر بذات الدين) بيت نظيف طاهر بعيد عن المحرمات والمغريات، وعن الشهوات والشبهات، ليس فيه تشكيك ولا محرمات منتشرة تختلط بدماء الأطفال، فينشأ أحدهم على هذه النشأة مع بيئة صالحة طاهرة، يؤمر فيها بالمعروف، وينهى فيها عن المنكر، وهذه تعتبر عاملاً من عوامل الاستقامة، لكن لما تنحرف البيئة أو ينحرف البيت فإنه يؤثر ذلك على الفطرة، فالفطرة بذرة صالحة تحتاج إلى تربة صالحة، وهي الزوجة، وتحتاج إلى ماء نقي، وهي البيئة التي تسقي هذه البذرة، لتكون شجرة صالحة، ولكن إذا فسدت إحدى هذه العناصر الثلاثة: إما البذرة أو التربة أو البيئة التي تسقي هذه البذرة يوماً بعد يوم، ربما تتأثر هذه الفطرة فيحصل الانحراف.
من أسباب الانحراف عن الاستقامة أيضاً: نشاط دعاة الباطل، ونوم دعاة الحق: لأن الشجرة التي لا تسقى إلا بعد فترة طويلة من الزمن، أو تسقى ماء مالحاً أجاجاً تموت، بالرغم من أصالتها وصحة بذرتها وتربتها، لا بد أن يكون هناك ماء، ولا بد أن يكون هذا الماء صالحاً لسقي هذه الشجرة؛ ولذلك فإن الدعوة إلى الله تعتبر من أهم العوامل التي تستقيم بها الأمم قال تعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات:٥٥].
إذا وجد إيمان ووجد ذكرى تستقيم الأمور؛ ولذلك فإننا نطالب دعاة الحق أن ينشطوا لا سيما في هذه الظروف التي ارتبكت فيها كثير من الأمور في العالم الإسلامي، واختلط فيها الحابل بالنابل، وأصبح الأمر خطيراً من هذا الجانب.