للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تفضيل الكفار على المسلمين]

السؤال

هناك من المسلمين من انخدعوا بحضارة الغرب الزائفة وبهرتهم، فأصبحوا يفضلون النصارى على المسلمين بدعوى أن النصارى يصدقون في الحديث، ولا يخلفون الوعد، وشيء من هذا القبيل، فيقولون: إن النصارى أفضل من المسلمين، ولا ينقص النصارى إلا أن يصلوا ويصوموا ليكونوا في غاية الكمال البشري، فما رأيكم في هذه المقالة الخبيثة؟

الجواب

تفضيل النصارى أو غير المسلمين على المسلمين كفر وردة، والله تعالى نهانا عن موالاة غير المسلمين فقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [المائدة:٥٥]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:١]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} [الممتحنة:١٣]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المائدة:٥١]، ولو أردنا أن نحصر الآيات في مثل هذه المواضيع لوجدناها كثيرة، وهذه الحجة الشيطانية انخدع بها طائفة من ضعاف النفوس من المسلمين، فقالوا: إن هناك أخلاقاً وفضائل يتمتع بها النصارى أكثر من المسلمين، وهذا فيه شيء من الحق، وفيه شيء من الباطل، أما أنهم أفضل من المسلمين فهذا أمر باطل، وأما أن هناك أخلاقاً يتمتع بها النصارى -هي في الحقيقة من أخلاق المسلمين- فهذا فيه شيء من الحق وماذا يريد الشيطان من البيت الخرب، فما دامت نفوسهم قد خربت ومصيرهم إلى النار فالشيطان لا يتوعد إلا أن يخرج الناس من الجنة، ومادام قد أخرج هؤلاء من الجنة وأدخلهم النار فإنه قد انشغل بغيرهم من المسلمين، فغيَّر كثيراً من أخلاقهم وفضائلهم، أما أولئك فإن ما لديهم من الفضائل لا ينفعهم عند الله عز وجل شيئاً، ولذلك الله تعالى يقول: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [هود:١٥] أي: بعمله، كأن يبني المساجد، ويبني المدارس، ويبني المستشفيات، لكنه غير مؤمن {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} [هود:١٥]، أي: نعطيهم الجزاء في الدنيا؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم أحداً.

فلا يغتر أحد بعمل هؤلاء الكافرين، فإنه يُعجل الجزاء لهم في الحياة الدنيا حتى لا يبقى لهم نصيب في الحياة الآخرة، وما لديهم من الأخلاق والفضائل فإنما هو موروث من أخلاق المسلمين يوم استقر المسلمون في بلاد الغرب، وحينما فتح المسلمون مناطق كثيرة من بلاد الكفر، ثم بعد ذلك انتشرت هذه الأخلاق وهذه الفضائل وهذه العادات، حتى إذا تقلص الإسلام من نفوس هؤلاء بقيت تلك الأخلاق.

وعلى كلٍ فإن الشيطان لم يحارب هذه الأخلاق في نفوس هؤلاء؛ لأنه سواء استقاموا على هذه الأخلاق والفضائل أو انحرفوا عنها فهم حطب لجهنم.