نطلب منك كلمة حول التوكل على الله، وذلك لأن الناس أصبحوا عندما يسمعون الصفارة أو الإنذار يخافون خوفاً شديداً.
الجواب
أما بالنسبة لهذا الخوف فهو خوف فطري، والله تعالى يقول:{إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ}[الجمعة:٨]، الفرار من الموت أمر فطري، والخوف أمر فطري، والمسلم مطالب أن يبتعد عن مواقع الخطر حتى لا يصيبه، لكن بشرط أن يعرف بأنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، وليس من التوكل أن يقف أمام الخطر وهو يرى الصفارة، لكن الخطر الذي نشاهده الآن هو ضعف اليقين بالله عز وجل في هذه الساعات الشديدة التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم، فإننا نرى كثيراً من الناس الآن قد ارتبك إيمانه، وتعلق بغير الله عز وجل، واعتمد على قوى البشر، ونسي أن القوة لله عز وجل جميعاً، واطمأن حينما رأى أن أمماً كثيرة جاءت لتحرسه، ونسي أنه لا يكون شيء إلا بإرادة الله عز وجل.
نقول: الأخذ بالأسباب عقل، لكن الاعتماد على الأسباب كفر، القاعدة هي الأخذ بالأسباب والاعتماد على المسبب سبحانه وتعالى، والكثرة قد لا تغني من الله عز وجل شيئاً، والقلة قد تنتصر كما قال الله تعالى:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة:٢٤٩]، والكثرة قد تفشل كما قال الله عز وجل عن خير جند في الأرض بقيادة خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}[التوبة:٢٥].
إذاً: الفرار أو اللجوء إلى مأمن حينما يسمع الصفارة هذا أمر مطلوب، حتى لا يخاطر الإنسان بنفسه، لكن تعال يا أخي! إلى واقع الناس اليوم وهم يتعلقون بغير الله عز وجل، وهم يعيشون حياة مرتبكة، نراهم في هذه الفترة جهزوا كل وسائل المتاع والطعام، ووسائل الراحة داخل البيت، لكن يندر منهم من فكركيف يصلح هذا البيت حتى لا تأتي عقوبة الله عز وجل، هذا الشيء والأمر الذي يجب أن نراقبه وننتبه له في مثل هذه الأيام.
أمر آخر: أن ينام هذا الإنسان مطمئناً حينما يرى جنود البشر تحرسه، وهو يعتمد عليها، فعليه أن يعتمد على الله عز وجل أولاً وآخراً، فالله تعالى هو الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، وهو المستعان وعليه التكلان.