بعض الناس ممن يحسبون أنفسهم مثقفين يقولون: إن وأد النساء وعدم إعطائهن بعض ما يكرمهن مما ذكره القرآن والسنة قد بالغ فيه الإسلام، على حين أنه كان يحدث بشكل بسيط جداً، وأنه كانت هناك حقوق للمرأة في الجاهلية؟
الجواب
صحيح أن وأد البنات ليس صفة من صفات أهل الجاهلية كلهم، لكن لا شك أنه صفة من صفات بعض الناس في ذلك الوقت، والله تعالى يقول وهو أصدق القائلين:{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}[التكوير:٨ - ٩]، وذكر المؤرخون أنهم كانوا يئدون البنات، بل إن الله تعالى قال:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى}[النحل:٥٨]، فكلمة، (أَحَدُهُمْ)، تدل على الكثرة، {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ}[النحل:٥٨ - ٥٩]، يعني: على ذلة، {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}[النحل:٥٩]، الذي هو الوأد.
وعلى كل حتى المؤرخين قالوا: إن الوأد لم يقع في أشراف القوم وعليتهم، وإنما وقع في بعضهم، لكن الإسلام ما قال: إن كل النساء كانت توأد في الجاهلية، حتى يقول هذا الأخ: إن الإسلام بالغ، وإنما ذكر الله عز وجل أن هناك من يئد النساء، ولو كن النساء كلهن يوأدن في الجاهلية ما بقي نسل بني آدم في تلك الفترة، وعلى كل فإننا نقول: الله عز وجل لا شك أنه أكرم المرأة، وحتى لو قلنا: إن امرأة واحدة كان نصيبها أن توأد في الجاهلية ثم جاء الإسلام فأنقذها، فإن الإسلام يعتبر هو محرر المرأة، وهو الذي أثبت حقوقها، ويكفيكم أن الله سبحانه وتعالى أعطاها كل حقوقها من الميراث والإنسانية والبشرية والبيع والشراء والتعامل، هذه كلها حقوق؛ إذ كل حقوقها قد ضمنها الإسلام، ولكن الإسلام أيضاً لم يترك ثغرة لهؤلاء الناس الذين جاءوا في هذا العصر وفي هذه الفترة ليزعموا أنهم أنصار المرأة أو أنهم يدافعون عن حقوق المرأة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.