الجانب الأول: هو تجاوز الحد في العبادة، ولذلك فإن العبادات محصورة في دائرة محدودة، لا تجوز الزيادة فيها كما لا يجوز النقص، ولذلك لو أن واحداً من الناس أراد أن يزيد على الصلوات الخمس صلاة سادسة قلنا له: أنت محدث في الدين، وأنت متجرئ على حدود الله عز وجل، وأنت تنصب نفسك في درجة الألوهية لا في درجة العبودية، فالله عز وجل حدد العبادات بمقادير معينة، فلم يفرض إلا خمس صلوات، ولذلك تجدون كيف يرعى الإسلام هذا الجانب، فلا يبيح للمسلم أن يزيد في العبادة.
فمثلاً: الله تعالى حدد لنا صيام رمضان الله تعالى بمدة معينة وحرم الزيادة، فحرم صيام يوم الشك كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم) بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقدموا رمضان بصيام يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) يعني: يصوم مثلاً الإثنين والخميس، أو يصوم يوماً ويفطر يوماً، فوافق يوم الشك، أما ما سوى ذلك فإنه لا يجوز صيام يوم الشك، ويوم العيد الذي هو بعد رمضان مباشرة حرم الله عز وجل صيامه.
إذاً: نجد أن رمضان عبادته حددت في أولها وآخرها، حتى لا تكون هناك زيادة فيؤدي ذلك إلى الجرأة على أوامر الله عز وجل، فيكون هناك مشرعون.
تعال إلى يوم الصوم نفسه، تجد أنه قد حدد ابتداؤه وانتهاؤه بوقت معين، وحث الشرع على تعجيل الفطر وتأخير السحور؛ حتى لا يفكر أحد ويقول: إني أزيد ساعة أو ساعتين من آخر الليل، وأزيد ساعة أو ساعتين من أول الليل؛ فهذه عبادة محددة من عند الله عز وجل لا يمكن أن تزاد في أولها ولا في آخرها، قال صلى الله عليه وسلم:(لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور) وحرم الرسول صلى الله عليه وسلم الوصال، وقال:(إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني الله ويسقيني).
إذاً: هذا دليل على أن العبادات الأصل فيها التحريم كما قال علماء الأصول، فلا يجوز للإنسان أن يحدث عبادة إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما ما سوى ذلك فإنا نعتبره مبتدعاً في دين الله، والله تعالى يقول:(ولا تطغوا) هذا جانب مفهوم من مفاهيم الطغيان، لاسيما أنه جاء بعد قول الله تعالى:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}[هود:١١٢].