إن هذا الدين الذي شرفك الله به يا أخي! وذلك القرآن الذي أكرمني وأكرمك الله عز وجل به مسئولية عظيمة، فلا تظنن أنه منهج عبادة فحسب؛ بل هو في كل شيء، كما قال عز وجل:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل:٨٩]، وقال تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام:٣٨].
إذاً: حينما يقول لك أعداء الإسلام: دع ما لله لله، وما لقيصر لقيصر!! فقل لهم: كذبتم؛ بل لله ما في السماوات والأرض، وهذا الدين منهج حياة كاملة، وجاء هذا القرآن ليهدي البشرية إلى ما فيه صلاح دينها ودنياها، ولذلك أشرنا آنفاً كيف تطور العالم حينما أخذ بهذا الدين، فصار الجيش الإسلامي ينصر بالرعب مسيرة شهر، وكانت الحصون تتساقط وتندك حينما تقبل عليها جيوش الأمة الإسلامية التي هتافها: الله أكبر، ولله الحمد.
فهذا الدين منهج حياة متكامل، نعمت به البشرية عبر القرون الماضية في ظل الدول الإسلامية التي تمسكت به، فكانت لها القيادة والسيادة والسلطة على العالم، وكان الناس يأتون إليها يبايعونها على الإسلام، ويدخلون في دين الله أفواجاً.
فهو منهج حياة متكامل لا يفرق بين العبادة والمعاملة والسلوك والأخلاق، لا كما يقول العلمانيون عليهم لعنة الله إلى يوم القيامة: إنما هو منهج عبادة فقط ولا يتدخل في شئون الحياة الأخرى؛ لا نظام الحكم، ولا الأنظمة الاقتصادية، ولا السلوك والأخلاق، ولا غير ذلك، إنما هو عبادة، فإذا أردت هذا الدين فعليك أن تبحث عنه في المسجد، وليس لك أن تبحث عنه في مجلس الشورى -كما يقولون- أو في البرلمان، أو في مجلس الأمة!! ويا ليتهم تركوا هذا الدين في المسجد غير مطارد! ولكنهم يطاردونه ويتابعونه في المسجد، وتحصى فيه أنفاس الدعاة والمصلحين في جل العالم الإسلامي.
إذاً: هم لم يعطوه الحرية حتى في المسجد، ولو أعطوه الحرية في المسجد لاستطاع أن ينقل الناس من الركود إلى الخير والسعادة، وإلى جنة عرضها السماوات والأرض، ولكنه سوف يحقق ذلك بإذن الله عز وجل رغم أنوف الحاقدين.