[المطالبة بحقوق المرأة التي ليست لها]
إن من المظاهر التي يمتاز بها عصرنا وتمتاز بها غربتنا ظهور المرأة ومطالبتها بحقوق ليست لها، أو وجود أشخاص يندسون في المجتمع يطالبون بأن تعطى المرأة حقوقاً ليست لها، وهؤلاء المندسون يتهمون المجتمع الإسلامي بالتخلف، بل يتهمون الله عز وجل بالظلم، ويتهمون نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالظلم، ويتهمون كتاب الله عز وجل الذي أنزله تبياناً لكل شيء بأنه لم يعط المرأة حقها.
ولذلك فإننا نشاهد ونسمع ونقرأ وصكت آذاننا كلمات منذ سنين طويلة تقول: حرية المرأة.
وتقول: النصف الثاني من المجتمع معطل، فالمجتمع لا يتنفس إلا برئة واحدة.
وتتحدث عن التخلف والرجعية، إلى غير ذلك من الأمور التي جعلتنا نسأم حديث هؤلاء وننفر منه.
والسبب في ذلك أن أعداء الإسلام يقرءون تاريخ البشرية أكثر مما نقرأ، فيقرءون أن المرأة حينما تنحرف ينحرف المجتمع كله من ورائها، وأنهم حينما يدفعونها إلى الوراء ويتظاهرون بأنهم يدفعونها إلى الأمام لتطالب بحقوقها وحريتها أو لتلقي الخمار أو لتفعل شيئاً من ذلك إنما يفسدون المرأة، وحينئذ تكون في متناول أيديهم ويصطادونها في الماء العكر، ويعلمون أن أي أمة من الأمم لا تسقط من عين الله إلا حين تنحرف فيها المرأة، أو حين تخرج المرأة متبرجة، وإذا أردت الدليل على ذلك فاقرأ ما فعله بنو إسرائيل في عهد موسى عليه الصلاة والسلام، واقرأ ما يكتبه أعداء الإسلام: لا أحد أقدر على جر المجتمع إلى الدمار من المرأة، فعليك بالمرأة، اتخذوا من المرأة وسيلة لإفساد المجتمعات.
يقول أحدهم: إن كأساً وغانية يستطيعان أن يفعلا بالمسلمين أكثر مما يفعله ألف مدفع.
وغير ذلك من الأمور التي كانوا يعرفون أنها سوف تسبب هذه المشاكل للأمة الإسلامية.
ونحن أيضاً نسينا أن فتنة النساء أعظم فتنة، وأن رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام جعلها في كفة والدنيا بكل زينتها ومتاعها في كفة أخرى فقال: (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء) علماً أن النساء يدخلن في الكفة الثانية؛ لأنهن جزء من الحياة الدنيا.
هذه الأمور كلها دفعت بأعداء الإسلام -سواءٌ أكانوا من الداخل أم من الخارج- إلى أن يستخدموا المرأة وسيلة لتدمير المجتمعات، وأكبر ظني -بل أنا لا أشك- بأن هؤلاء هم أعداء الدولة، ولربما لا تدرك الدولة أن هؤلاء هم أعداؤها إلا حينما يقع ما نحاذره، نسأل الله أن يقينا ويقي الدولة شره، إن هذه الأمور يسعى هؤلاء إلى تحقيقها، نسأل الله أن يبطل مساعيهم حتى لا ينجحوا في مهمتهم.
أيها الأخ الكريم! المرأة أكرمها الإسلام، ولا يمكن أن يكون هناك نظام من أنظمة الحياة أو دستور من دساتيرها يعطي المرأة حقاً أكثر مما يعطيه كتاب الله عز وجل، فالمرأة كانت في يوم من الأيام متاعاً يورث، وكانت لا ترث إلى أن أنزل الله عز وجل في ميراثها قوله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء:٧] والمرأة كانت إذا مات زوجها يتسابق أولاده من غيرها عليها فأيهم ألقى عليها رداءه أولاً فهو أحق بها يتصرف بها كيف يشاء، ولو أراد أن ينكحها فله ذلك، أو أراد أن يبيعها فهي سلعة له رخيصة، حتى أنزل الله عز وجل قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء:١٩].
لقد احترم القرآن المرأة ووضع لها من الحقوق ما لا يمكن أن تحصل عليها من أي جهة أخرى، وهذا القرآن كما قال الله عز وجل عنه: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:٨٩] وقال: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:١] وهؤلاء يعرفون أن المرأة لم تكن تدرك في جاهليتها جزءاً مما أدركته في إسلامها، لكنهم يريدون أن تنحرف المرأة لينحرف المجتمع، ولتتدهور الأمور، ولتكون النهاية هي البوار والدمار، ولذلك فإننا نقول لهؤلاء الذين يدعون إلى حقوق المرأة وإلى تحريرها وإلى أمور لا تخفى نقول لهم: اخسئوا؛ فإن الله عز وجل هو الذي أكرم المرأة واحترمها، وأعطاها حقوقها كاملة، لكنكم حينما تطالبون بحرية المرأة وبحقوقها إنما تريدون أن تجعلوها لقمة سائغة لكم؛ لأنكم أشربتم وأشربت نفوسكم حب الفاحشة، وتريدون من هذه المرأة المسلمة أن تسقط كما سقطت المرأة في كثير من البلدان إلا ما شاء الله.
ومن حيث يعود أعداؤنا وينادون بحفظ المرأة وصيانتها ينطلق هؤلاء فيبدءون من حيث ينتهي عدوهم، وهذه تعتبر فتنة وبلية ومصيبة لا بد من أن ننتبه لها، وتعتبر أهم مظاهر الانحطاط في هذا العصر، وتعتبر أيضاً أهم مظاهر الغربة التي نعيشها اليوم.
ولا تستطيع المرأة أن تقود المجتمع أو يكون لها كيان؛ لأن الله عز وجل يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:٣٤]، فيجب أن تكون القيادة بيد الرجال، ولكن ذلك لا يعني أن تهان المرأة بل يجب أن تكرم.