وقوله:(والزكاة مغرماً): الزكاة أحد أركان الإسلام، بل هي أهم العبادات المالية، وقد قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه من منع الزكاة، وقال:(والله! لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، ولو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه).
والزكاة فرصة للمسلم، فقد كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم إذا رأوا من يسأل الناس عن الزكاة بصدق يقولون:(مرحباً بمن يحمل زادنا إلى الآخرة)، ثم اعتبرها كثير من الناس مغرماً، فهي غرامة ثقيلة يشعرون بالقلق منها، ويشعرون بالصعوبة عند أدائها.
وربما يكثر المال ويتضخم وتعجز الأرقام عن تعداد أموال كثير من الناس، ثم إذا أحصيت الزكاة وجد هؤلاء الأقوام أن الزكاة أصبحت كبيرة وكثيرة بسبب ضخامة هذا المال، فأصبحت ثقيلة، وربما لا يؤدونها، كما فعل ذلكم المنافق الذي أخبر الله عز وجل عنه في قوله:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}[التوبة:٧٥ - ٧٦].
ثم أيضاً هذه الزكاة هي حفظ للمال، وهي صيانة له، وما هلك مال في بر أو بحر إلا بسبب منع الصدقة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع)، فإذا أصبحت هذه الزكاة عبئاً ثقيلاً على هذا الإنسان، ويشعر بأنه لا يستطيع أداءها إلا بثقل، فحينئذٍ يكون ذلك علامة من علامات بداية النهاية، ومن علامات قرب العذاب على هؤلاء الناس.