ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما أكثر الذين تركوا ذلك اليوم، فعليهم التوبة والقيام بهذه الشعيرة العظيمة، فوالله لو أن كل واحد منا ألقى كلمة في المجتمع، وقال للفاسق: اتق الله، لخجل هذا الفاسق، واتقى الله، سواء كان حياءً أو استقامة، لكن يمر الصالحون بالمجموعات في وقت الصلاة فلا يكاد أحدهم يقول لهؤلاء: اتقوا الله وصلوا، والجار يعرف بأن جاره يفعل بعض المحرمات من الفواحش والمعاصي والذنوب وترْك الواجبات فلا يبالي هذا الجار أن يقول له: اتق الله، بل الأعجب من ذلك أنّ بعض الآباء يعرف ما يفعله أبناؤه من المعاصي في داخل البيت، فلا يقول لهم: اتقوا الله، مع أن الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[التحريم:٦].
فالأمانة والمسئولية عظيمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، ويقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال:٢٧] وإذا أردتم الدليل على التفريط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فانظروا إلى المسلمين المصلين في صلاة الفجر، وأحصوا الأطفال والشباب، فستجدونهم قلة، بالرغم من هذه الصحوة الإسلامية المباركة، وتجد هذا الأب كالسارية من سواري المسجد من شدة ملازمته للمسجد، ولكن لا يبالي ما يحدث في بيته، وكأنه وحده هو الذي سوف يحاسب بين يدي الله عز وجل؛ فهذه كلها من البلايا والفتن التي أصابت المسلمين.
فعلينا أن نبادر بالتوبة، وأن نأمر بالمعروف، وأن ننهى عن المنكر، وألاّّ نخاف في الله عز وجل لومة لائم، فإن الأرزاق والأعمار والآجال والحياة والموت كلها بيد الله عز وجل وحده، (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف) هكذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
كذلك تجب علينا التوبة من الغيبة والنميمة والحديث في أعراض الناس، فهذه الأمور يجب علينا أن نحذرها.