هناك من يغالي في الأحياء، فيتمسح ببعض الأحياء كالعلماء -مثلاً- ويقبل أقدامهم، ويكاد يسجد لهم من دون الله، فنرجو إلقاء الضوء على هذه المسألة؟
الجواب
الخضوع لغير الله لا يجوز، إلا فيما أباح الشرع من أن يتواضع الإنسان لوالديه أو العلماء من باب التقدير والاحترام فقط، أما أن يصل إلى تقبيل الأقدام أو أن يصل إلى الانحناء كما يفعله طائفة من الناس إذا أراد أحدهم أن يحيي الآخر فينحني أمامه فإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا لا يكون إلا لله عز وجل، فإذا كان الله تعالى قد نهانا أن نعبد غيره أو أن نصرف نوعاً من العبادة لغيره فإن ما نقدمه للأحياء أو للأموات على حد سواء، فكل ذلك صرف نوع من أنواع العبادة لغير الله عز وجل، فإذا انحنيت أمام قبر ميت أو أمام أعتاب حي أو أمام أي مخلوق من المخلوقات انحناءً لا يكون لله عز وجل فقد صرفت نوعاً من العبادة لغير الله، وهذا أيضاً يدخل في باب الشرك، إلا أن هذا يوجد أمام الأموات أكثر من الأحياء، كما يحصل عند الولي فلان والسيد فلان، بل عند الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال:(اللهم! لا تجعل قربي وثناً يُعبد) ويقولون: لا.
لابد أن يُعبد قبرك يا رسول الله.
فيذهبون وينحنون أمام قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذرفون الدموع، ولا يقولون كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نسلم عليه أو نصلى عليه:(السلام عليك يا رسول الله)، وإنما يقولون: يا رسول الله! أعطنا كذا.
يا رسول الله! أعطنا كذا.
والله تعالى أخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك نفعاً ولا ضراً لأحد، إلا أن يهتدي الناس بما جاء به من الهدى، كما قال عز وجل:{قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[الأعراف:١٨٨]، وإذا كان هؤلاء يقولون: إن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يغيثنا في هذا الأمر وهو ميت فإنهم ينكرون وفاته، ويكفرون من هذه الناحية؛ لأنهم ينكرون آيات كثيرة من كتاب الله تخبرنا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مات كما يموت سائر البشر، إلا أن الله تعالى يرد عليه روحه إذا سلم عليه أحد ليرد عليه السلام، وحفظ جسده من أن تأكله الأرض، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ميت، ولربما يغالي أحدهم ويقول: إن الرسول خُلق من نور، والله تعالى يقول له:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف:١١٠]، والبشر يختلف عن النور؛ لأن البشر هو الذي له جسم يباشر الأشياء، ويقولون: لا.
فالرسول خلق من نور، وليس له ظل.
فنقول لهؤلاء: اتقوا الله! فأنتم تكذبون الله عز وجل الذي يقول: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف:١١٠]، وتكذبون رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي يقول:(ألا إنما أنا بشر)، ويقول أحدهم: هو أول المخلوقات.
ونقول له: كذبت، فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس أول المخلوقات، ويزيده شرفاً أن يكون آخر الرسل، وهو أعظمهم وأفضلهم عند الله عز وجل، وهو سيد ولد آدم، وهؤلاء يأتون بأشياء ليس لها أدلة، ويشرعون في دين الله ما لم يأذن به الله، ومن هنا ضل القوم الطريق، نسأل الله لنا ولهم الهداية والاستقامة.