نود الحديث عن تكاليف الزواج؛ حيث وإن المتزوج يكلفه الزواج إلى مائة وعشرين ألف ريال، وأنا أرغب في الزواج، ولكن ليس عندي هذا المبلغ، فلعل الله أن يهدي آباء البنات الذين حالوا بيننا وبين الحلال؟
الجواب
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(أكثرهن بركة أيسرهن مئونة)، قوله:(أكثرهن بركة) أي: المرأة التي مهرها قليل تكون كثيرة البركة.
وبالمفهوم أن المرأة التي مهرها كثير تكون قليلة البركة، وهذا ما نشاهده، فالزوج الذي يستدين أموالاً كثيرة ليتزوج ثم يتزوج فإنه يعيش مع هذه المرأة ويشعر بأنها عبء ثقيل عليه؛ لأنها كانت سبباً في هذه الديون وهذه الالتزامات والقروض التي أصحبت في ذمته، ولعل هذه من أكبر الأشياء التي نشاهدها.
أما الطلاق فإنه من خلال تتبعنا لأحوال الناس نجد أنه يكثر بمقدار ما تكثر مئونة الزواج، فالذين يتزوجون في الفنادق الراقية ويذبحون الأنعام الكثيرة لا تبقى زوجاتهم معهم كثيراً، والذين يحصلون على المرأة بتكاليف أقل وأسهل غالباً يوفقون في زواجهم، ولذلك أقول: علينا أن نتعاون في هذا الأمر؛ لأنه ليس هناك إلا طريقان: طريق حلال وطريق حرام، فالطريق الحلال هو الزواج، والطريق الحرام هو الزنا، والطريق الحلال يحتاج إلى تعاون الناس أجمعين ليقع الزواج، اسيما ونحن في فترة كثرت فيها الفتن والمغريات، وعرضت المرأة أمام الناس، فأصبحت من أكبر المشاكل التي تعترض سبيل الناس وسبيل الشباب العزاب بصفة خاصة.
ففي الطائرة تعرض المرأة، وفي المحلات التجارية وفي غير ذلك، فهذه الفتنة لا يقضي عليها إلا الزواج، بحيث يستغني الإنسان بالحلال عن الحرام، وبالتعدد أيضاً، فنحن ندعو المسلمين إلى التعدد بمقدار ما تتوافر النساء، ندعوهم إلى زيادة عدد النساء؛ لأن حكمة الله عز وجل تقتضي ذلك، سيما في هذه الأيام المتأخرة؛ لأن نسبة النساء والبنات في الولادة أكثر من الأولاد، إضافة إلى عزوف كثير من شبابنا عن الزواج، إضافة إلى تزوج كثير من شبابنا من الخارج، إضافة إلى أسباب كثيرة، مثل كثرة القتل في صفوف الرجال بسبب الحروب، ولذلك نقول: الزواج سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة المرسلين من قبله، ولابد من أن نتعاون في إقامة هذه السنة، وأفضل طريق نتعاون فيه هو تخفيف هذه المهور.
وفي الحقيقة أنا أخالف الذين يقولون: إن المهور كثيرة.
لأني أرى كثيراً من الشباب يملك الواحد منهم سيارة قيمتها تساوي قيمة وتكاليف الزواج، لكني أقول أيضاً: على الآباء أن يخففوا هذه التكاليف، سيما الأموال الضائعة التي نشاهدها في بعض البيئات من إقامة الموائد الضخمة التي يرمى فيها اللحم للكلاب وجزء كبير من العالم الإسلامي اليوم يموت جوعاً، وهذا من الإسراف الذي حرم الله عز وجل، والتبذير الذي يقول الله عز وجل عنه:{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}[الإسراء:٢٧] أما لو كان المال يعود إلى حلي للمرأة وملابس أو أشياء تستفيد منها المرأة لكان الأمر أسهل، أما وقد عاد الأمر إلى موائد وإسراف وبذخ ومكابرة فإن هذا يصبح خطيراً.
أما ما أشار إليه السائل بأن تكاليف الزواج قد تصل إلى مائة وعشرين ألفاً فهذا من المصائب ومن البلايا، وأنا أحذر الولي الذي يريد أن يجعل زواج ابنته أو موليته بمائة وعشرين ألفاً أو أكثر أو أقل، أحذره وأخاف عليه أن يفشل هذا الزواج، فترد عليه بنته عما قريب وهي مثقلة بالأولاد الذين يحولون بينها وبين زواج آخر، لتصبح مطلقة في بيته، أقول: علينا أن نتقي الله عز وجل، وأن نخفف المهور والتكاليف، وأن نسن في المجتمع سنة حسنة، حتى يكون لنا أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وأدعو العقلاء ورؤساء القبائل المسئولين وأصحاب الحل والعقد ومن يستطيع أن يتدخل في مثل هذه الأمور أن يقفوا أمام هذا النهم وهذه الشدة في تكاليف الزواج، حتى يتمكن كل الشباب من الزواج، وحينئذ نسلم من كثير من هذه الفتن التي غزيت بها بلادنا وغزي بها مجتمعنا، والله المستعان.