للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منع الإسلام من الكلام في الأعراض وإقامة حد القذف]

لابد من وجود عامل صيانة المرأة واحترامها ومحاربة الرذيلة وفاحشة الزنا حتى لا تنتشر في المجتمع، وهو جانب السمعة؛ لأن الإنسان بسمعته الحسنة وإن لم يكن لديه دين، أو كان لديه دين لكنه ليس على مستوى يحول بينه وبين هذه الشهوة الصارخة، قد يحافظ على شرفه وكرامته وسمعته، لكن سمعته وشرفه وكرامته حينما تنخدش، يصبح كما قال الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام وحينئذ لا يبالي أن يفعل الفاحشة أو يتركها ما دامت هذه السمعة قد تلوثت وما دامت هذه الصفة قد انحرفت، ولذلك يشدد الله تعالى في هذا الجانب ويضع عقوبة على من يقذف إنساناً بالزنا دون أن يكون لديه أربعة شهود، فمن شهد على إنسان بالزنا ولم يستطع أن يكمل أربعة شهود يشهدون على ذلك؛ فإنه يستحق الجلد ثمانين جلدة حتى ولو كان صادقاً، حتى لو رأى هذه الفاحشة بعينيه، محافظة على السمعة؛ لأن بقاء السمعة الطاهرة في مجتمع من المجتمعات إنما يعني ذلك أن هذا المجتمع مجتمع محافظ، ولأن سقوط واحد من الناس في سمعته في المجتمع يؤدي إلى أن لا يبالي في سمعته بعد ذلك، مثل الثوب الأبيض النظيف يحافظ عليه صاحبه ما لم يصب بدنس بسيط، لكنه حينما يصاب بدنس لا يبالي صاحبه أن يصاب بعد ذلك بأي نوع من أنواع الدنس، ولذلك الله تعالى وضع حد القذف ثمانين جلدة، فليس بينه وبين حد الزنا إلا عشرون جلدة، حتى لو كانوا ثلاثة شهود يشهدون فإنهم يجلدون مائتين وأربعين جلدة كل واحد منهم يجلد ثمانين جلدة، من أجل أن تبقى السمعة طيبة في المجتمع، ومن أجل ألا تكون الأعراض مهانة، فيتحدث هذا أن فلاناً زنا، وذلك يتحدث أن فلانة زنت، دون أن يكون هناك أدلة ثابتة، ولذلك الله تعالى وضع حد القذف احتياطاً حتى لا يكون الزنا.

وحينما يضع الله عز وجل حد القذف لا يريد من الناس أن يدسوا رءوسهم بالرمل وهم يرون الفاحشة أمام أعينهم، ولكنه يطالبهم بأن يثبتوا هذه الفاحشة بأربعة شهود، أو بأربعة اعترافات حتى تبقى السمعة طيبة، أو حتى يقام الحد، أما أن يشاع عن جريمة تحدث في المجتمع ولا يكون لها حد؛ لأنها لم تثبت بأربعة شهود أو بأربعة اعترافات؛ فهذا يؤدي إلى أن يستسهل الناس هذه الجريمة وتلك الفاحشة.

إذاً أيها الإخوان: ما يحدث في المجتمع اليوم من أحاديث العشق والغرام والخيانات الزوجية والمسرحيات الصارخة، والأفلام المنحرفة، هذه كلها تعتبر سبيلاً تمهد الطريق إلى الزنا، ولو أن الإسلام أقيم حقاً في العالم الإسلامي لأقيم الحد على هؤلاء الذين يتحدثون عن هذه الفاحشة بصدق أو بكذب بهزل أو بجد، هذا جانب من الجوانب المهمة التي سد الإسلام فيها طريق الفاحشة.