من الأمور المهمة الشريفة التي تحافظ على الأعراض والبيوت والأسر وتحارب الفاحشة منع النظر، الذي يقول الله عز وجل عنه في الحديث القدسي:(النظر سهم مسموم من سهام إبليس، من تركه من أجل مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه)، ولذلك فإن النظر من أخطر الأمور، والنظر كما يقول عنه العلماء: إنه بريد الزنا.
بل إن الله عز وجل قرن في آيات القرآن بين النظر وبين فاحشة بين الزنا؛ فقال:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النور:٣٠ - ٣١]، ما صلة الأول بالثاني؟ لأن النظرة هي التي توصل غالباً إلى الفاحشة، وإلى فعل الجريمة، لذلك يقول الشاعر: جل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر شرارة صغيرة يحتقرها الإنسان تطير على متاعه فتحرق البيت والحي كله، ولربما تحرق المدينة كلها وهي شرارة صغيرة في أولها، ونظرة يلقيها الإنسان دون أن يحسب لها أي حساب؛ وربما تحدث ما هو أكبر من ذلك، ولذلك فإن من الوسائل التي اتخذها الإسلام لحماية المجتمع من الفاحشة ولصيانة المرأة المسلمة من الفاحشة، هو غض البصر سواء في ذلك الرجل والمرأة، ولذلك قال تعالى عن الرجل:{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور:٣٠]، يعني: لا تخفى على الله النظرة الصغيرة التي يلقيها الإنسان، وقال أيضاً عن المرأة:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور:٣١]؛ لأن إبداء الزينة هي سبب للفت النظر.
ولذلك لا تعجوا حينما نجد أن الزنا -نعوذ بالله من شره وسوئه- هو الجريمة الوحيدة التي قدم الله تعالى فيها المرأة على الرجل، فإنك لا تجد في الكتاب ولا في السنة آية أو حديثاً نبوياً قدمت فيه المرأة على الرجل إلا في آية واحدة في سورة النور:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}[النور:٢]، ما قال الله تعالى: الزاني والزانية، لماذا؟ لأن المرأة قد تملك أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الفاحشة، ولذلك قدمها الله تعالى، لكن نجد في باب السرقة مثلاً أن الله تعالى قدم السارق على السارقة، وفي كل الآيات يقدم الله تعالى الرجل على المرأة، لكن قدمها في باب الزنا لأن امرأة واحدة باستطاعتها أن تفتن أمة أو أمماً، ولذلك هنا نقول: إن المرأة وضعها خطير.