هذه هي الحلقة الثالثة من سورة الأنفال، سورة القتال التي تبين للمسلمين كيف يتعاملون مع الله في ساعة القتال، وما هو الطريق الأمثل والأنجح لكسب المعركة، وبدون هذا الطريق لا يفلح القوم أبداً، وأي مسلك يسلكونه لا يخضع لهذا النظام العظيم في هذا الكتاب الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير فإنه نظام فاسد فاشل، نهايته البوار والدمار.
يقول الله عز وجل في هذه الآيات:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:٢٤ - ٢٥] إلى آخر الآيات، كان الحديث عن شر الدواب، فالآية التي قبل هذه الآيات تقول:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:٢٢ - ٢٣]، وقلنا: إن الدابة هي كل ما يدب على وجه الأرض، ابتداءً من الإنسان الذي هو أكرم مخلوقات الله، إلى أخس وأخبث حشرة موجودة في هذا الكون، فشر هذه المخلوقات كلها الإنسان الكافر نعوذ بالله، فإذا كان الإنسان المؤمن هو أفضل خلق الله فإن الكافر هو شر خلق الله، وما الفرق بين شر خلق الله وأفضل خلق الله! ليس هناك فرق بينهما إلا الإيمان بالله عز وجل ومعرفته، والكفر به سبحانه وتعالى.