للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النظر في الطاعة إلى من هو أعلى للحاق به لا إلى المجتمعات الفاسدة]

السؤال

إذا تكلم بعض الغيورين على بعض الأمور التي يخشونها على هذه البلاد انبرى من انبرى لهم وقال: إن مجتمعنا بإعلامه ومستشفياته وبنوكه أفضل من غيره بكثير، أرجو من فضيلتكم توضيح ذلك، وهل يضرب المثل للشر بالشر؟

الجواب

الحقيقة أن هذه مشكلة تتكرر كثيراً؛ فقوله: إن بلادنا بلاد الخير فيها كذا وكذا، وقوله: هل سافرت ورأيت كيف الفساد في الأرض؟ وكيف أن خانات الخمر مفتوحة علناً في رمضان؟ أما رأيت دور الفساد؟! فنقول: صحيح رأينا هذا، لكن هل ننظر إلى من هلك، أم ننظر إلى من نجا؟ نحن عندنا مقياس ثابت، فلا نريد إذا هبط العالم درجتين أن نهبط نحن درجة واحدة، بل نريد إذا هبط العالم درجتين أن نرتفع درجتين في هذه الدنيا، أما لو بدأنا نهبط وراء العالم، ويهبط العالم درجتين ونهبط درجة واحدة، وكلما هبط هبطنا أقل منه، فالهبوط ليس له نهاية.

إذاً: صحيح أن بلاد الكفر أو حتى بعض بلاد المسلمين انتشر فيها الفساد أكثر مما يوجد في بعض البلاد الأخرى، لكن نحن عندنا مقياس ثابت، ومعيار صحيح لا يمكن أن ننطلق إلا منه، فنزن ما يحدث في أمور الناس، وفي واقع الناس بالمعيار الصحيح، ونرجع إلى النقطة الثابتة التي أمر الله عز وجل أن نثبت عليها، فما خالف هذا المعيار نعتبره منحرفاً ولو كان أقل انحرافاً من البلاد الأخرى.

إذاً: هذه مقاييس مادية لا تصلح، وربما نركض وراء العالم ونكون خيراً منه قليلاً، أو خيراً منه كثيراً، ففي بلاد العالم نواد للعراة، فنقول: نحن أحسن منهم قليلاً، والآن زواج الذكر بالذكر أصبح رسمياً في بعض بلاد الكفر والعياذ بالله! ويعقد له رسمياً، ويعترف به القانون، والقوانين كلما هبط الإنسان هبطت القوانين معه، ولربما تهبط القوانين أكثر من هبوط الإنسان، فهل نسير وراء هذا الإنسان الهابط بهذا الشكل ونقول: نحن خير منه؟! فنقول: ننظر إلى سلفنا الصالح، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها، ومن ذلك المعيار نستطيع أن نعرف موقعنا في هذه الحياة.