أما الكفار فلا تجوز أن تكون بيننا وبينهم ولاية أو محبة أو عشرة أو أخوة، أو أي علاقة من العلاقات التي تربط بين البشر فيما بينهم، ولذلك يقول الله تعالى:{وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود:١١٣]، حتى لو كان ركوناً بسيطاً؛ بل حتى لو كان ميلاً، فإن الله عز وجل قال لرسوله صلى الله عليه وسلم في شأن الكافرين:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}[الإسراء:٧٤ - ٧٥]، ففي هذه الآية: أولاً: أن هذا رسول الله.
ثانياً: كون الركون شيئاً قليلاً.
ثالثاً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فكر في الركون إليهم من أجل أن يدافع عن الإسلام فقط، وإنما يريد أن يكسبهم إلى الإسلام، ومع ذلك قال الله تعالى له:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا}[الإسراء:٧٤ - ٧٥]، يعني: لو فعلت ذلك يا محمد! وركنت إليهم ولو شيئاً قليلاً، {لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}[الإسراء:٧٥]، يعني: عاقبناك في الدنيا عقوبة مضاعفة، وعاقبناك في الآخرة عقوبة مضاعفة.
إذاً: المسألة مسألة عقيدة، فالصلة بالكفار وبالمؤمنين مسألة عقيدة، وليست مسألة فرعية، وإنما هي عقيدة تخرج الإنسان من دائرة الدين أو تدخله في دائرة الدين، وهنا يقول الله تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[المائدة:٥٥]، ليس فقط الذين آمنوا باللسان، بل حتى المؤمن الذي لا تربطنا به علاقة إلا إذا طبق هذا الدين تطبيقاً حقيقياً.