ومعنى الازدواجية: أن يكون في عالم الناس خير وشر اختلط أحدهما بالآخر، ولم يتميز الخير عن الشر، ولم يتميز الشر عن الخير، فيصبح الطفل الذي ولد في عصر الازدواجية -كعصرنا الذي نعيشه اليوم- إن لم تتداركه عناية الله عز وجل ولم تسعفه قدرة الله عز وجل، وإن لم يوجه توجيهاً صحيحاً فإنه حينما يكبر وينمو ويترعرع وقد ولدت في عقله وفي مخيلته أمور لا يميز فيها الخير من الشر، فيكون هذا النوع غالباً ممن أصيب بهذه الازدواجية.
والحقيقة أن عصرنا الذي نعيشه اليوم فيه هذه الازدواجية، كما نرى أن فلاناً من الدعاة أو العلماء له ولد فاسق أو منحرف، والله أعلم بما يعمله، وفلان الذي هو من أصول عريقة طيبة أصبح يخالف هذه الأصول، وهكذا.
حتى في البرامج التي يشاهدها الناس أصبح يختلط فيها الخير والشر، فهذه أغنية وذاك حديث، وهذه آيات قرآنية وتلك مسرحية، والنشء لا يعرف الخير من الشر، ولربما يقع في ذهنه أن كل ما يشاهده شر، فيخرج مجرماً يكره هذا الدين، أو ربما يبقى هذا كله خيراً في ذهنه وفي عقله، وحينئذ يصبح لا يميز بين الخير وبين الشر.
ولذلك فإن هذه الازدواجية يجب أن يكون بجوارها رجال عقلاء يميزون لأطفالهم ولأبناء المسلمين الخير من الشر، حتى لا يختلط الخير بالشر؛ لأننا نرى في أيامنا الحاضرة اختلاطاً بين الخير والشر، فأصبح كثير من الناس لا يستطيع أن يميز بين هذا وذاك، ولهذا فإن الازدواجية تُكَوِّنُ شخصيتين متعارضتين في عقلية هذا الطفل، ثم ينشأ هذا الطفل وهو لا يميز بينهما، أو كلتاهما يعتبرهما فسقاً، أو كلتاهما يعتبرهما طاعة، ولربما يخرج وهو يظن أن الفسق طاعة أو أن الطاعة فسق، وحينئذ يصبح هذا الأمر خطيراً، فعلينا أن نحيط أبناءنا وشبابنا بحواجز منيعة عن هذه الازدواجية حتى لا تفسد عليهم دينهم وأخلاقهم.