وقوله:(إذا اتخذ الفيء دولاً): الفيء: ما يأخذه المقاتلون بدون قتال، كما قال عز وجل:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ}[الحشر:٦]، وهو يشبه الغنيمة، لكنه بدون قتال، وهذا الفيء يعتبر مصدراً من مصادر بيت مال المسلمين، وقد يطلق الفيء على بيت مال المسلمين؛ لأن الفيء كل مال يُحصل عليه، والفيء لا يستحقه الناس كالغنيمة، وإنما يقسم كما قسمه الله عز وجل بقوله:{فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الحشر:٧].
وعلى هذا نستطيع أن نقول: إن معنى الحديث: إذا اتخذ بيت المال دولاً، وأصبح بيت مال المسلمين ليس منضبط المصارف، وصار ألعوبة في أيدي الناس، إذا وصل الأمر إلى هذا الحد فالأمر خطير، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر:(إن رجالاً يخوضون في مال الله بغير حق لهم النار يوم القيامة)، فالمال مال الله، وهو محترم، وكما أنه تُحترم موارده تحترم أيضاً مصارفه، ولذلك فإن بيت مال المسلمين إذا أصبح ألعوبة بأيدي العابثين لا يرعون فيه إلاً ولا ذمة فهذا يعتبر بداية من بدايات العقاب من الله سبحانه وتعالى.