[تأييد الله عز وجل للمؤمنين بالكرامات وخوارق العادات]
أيها الإخوان! لا تعجبوا حينما تقرءون في التاريخ خوارق للعادة! لا تعجبوا حينما تقرءون في تاريخ الإسلام أن نواميس الحياة وأنظمة الدنيا قد انقادت للمؤمنين الذين صدقوا في وعدهم لله عز وجل! لا تعجبوا يا إخوتي! حينما تسمعون أن سعد بن أبي وقاص في أيام عنفوان الدولة الإسلامية يتجمد له نهر دجلة ويعبر عليه، حينما انتهت معركة القادسية، وأراد أن ينتقل إلى المدائن عاصمة الفرس لم يكن لديه في ذلك الوقت سفن ولا قوارب يعبر فيها هذا النهر، فيسأل قومه: ماذا يقع أمامنا؟ فيقولون: المدائن والقصر الأبيض الذي يسكنه يزدجرد، فيقول: والله لأعبرن على هذا الماء ولو على ظهور الخيل، فيتجمد نهر دجلة ويعبر من القادسية إلى المدائن، ويقبلون على أهل المدائن فيظن أهل المدائن أن هؤلاء شياطين وقد أقبلوا عليهم، فيقولون: جاءكم الشياطين -بلغتهم الخاصة- فيتركون المدائن، ويدخل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قصر المدائن القصر الأبيض -الذي هرب منه يزدجرد - وهو يتلو قول الله عز وجل: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الدخان:٢٥ - ٢٨].
لم يدخل بنشوة الطرب والغناء تتقدمه الراقصات والمغنيات، كما يفعله الذين يزعمون بأنهم من الفاتحين في أيامنا الحاضرة، وإنما يعترف لله عز وجل بالفضل والنعمة، وهو يردد أن هذه نعمة الله عز وجل.
لا تعجبوا يا إخوتي! حينما تسمعون عبر التاريخ أن عقبة بن نافع رضي الله عنه، وهو يفتح في شمال أفريقيه في أيام عز الإسلام وذروته أيام دولة بني أمية، فيقبل على بلاد تونس الحالية ويريد أن يبني قاعدة للإسلام هناك، ثم يسأل: ما هذا المكان الذي يقع أمامنا؟ فيقولون: أيها القائد يرحمك الله! إنها غابة القيروان التي عجز الفاتحون كلهم عنها؛ لأنها مقر للوحوش الكاسرة المفترسة، فيقف عقبة بن نافع رضي الله عنه ويقول: أيتها الوحوش! نحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم جئنا لنشر الإسلام هنا.
تصوروا أن الوحوش قد سمعت هذه المقالة، وأن الله عز وجل الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قد ألهمها ما يقول عقبة.
يقول شاهد عيان: والله لقد رأينا الوحوش تحمل أولادها تخرج من الغابة، فيدخل عقبة بن نافع الغابة ويقيم فيها مدينة القيروان؛ لتكون مركزاً للمسلمين في شمال أفريقيا.
ثم يواصل البطل المسلم سيره حتى وصل إلى حافة المحيط وقال: والله لو أعلم أن وراء هذا الماء بشراً لخضت إليهم على فرسي هذه.
ولم تكن قد اكتشفت الأمريكتان في ذلك الوقت بعد.
ثم أيضاً لا تعجبوا حينما نسمع قصة قتيبة بن مسلم رضي الله عنه، وهو يفتح بلاد ما وراء النهر، وقد أقبل على بلاد الصين بعد أن فتح لنا هذه المنطقة الواسعة التي تجتاحها الشيوعية في أيامنا الحاضرة -نسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينهم لتعود لهم قوتهم الأولى- فيسأل قتيبة: ماذا يقع أمامنا من البلاد؟ فيقولون: بلاد الصين، فيقول: والله لا أرجع إلى وطني حتى أطأ بقدميَّ هاتين أرض الصين، وحتى أضع وسام المسلمين على أهل الصين، فيصل الخبر إلى ملك الصين وما يقوله قتيبة، فيخاف ملك الصين من المسلمين، فيقول: هذه تربة في صحاف من الذهب، اذهبوا بها إلى قتيبة وهو في مكانه ليطأها وليبر بقسمه، وهؤلاء أولادي الأربعة ليضع عليهم قتيبة وسام المسلمين، وهذه الجزية ندفعها كل عام لـ قتيبة ولا يدخل إلى بلادنا.
هكذا ينصر المسلمون بالرعب حينما يصدقون مع الله عز وجل.
أيها الإخوان! أما سمعتم حينما امتدت دولة الإسلام تسابق الشمس على مطالعها؛ وذلك عندما رفع هارون الرشيد -أحد خلفاء دولة بني العباس- رأسه إلى السماء ليخاطب قطعة من السحاب تمر من فوق رأسه ويقول: أيتها السحابة! أمطري أنى شئت، فسيأتيني خراجك ولو بعد حين.
وذلك لأن هذه السحابة ستمطر في أي بقعة من بلاد الإسلام الواسعة.
هكذا بلغت دولة الإسلام، وهكذا امتدت.