حينما نتتبع سير سلفنا الصالح، نرى أنهم لا يحكمون الناس إلا بالعدل؛ ولأجل ذلك ولدت دولة الإسلام في المدينة، وبعد مدة وجيزة بسطت نفوذها على أكثر الكرة الأرضية، حتى كان أحد خلفائها يرفع رأسه إلى السماء ليقول لسحابةٍ مرت وهو في بغداد:(أمطري أنى شئت، فسيأتيني خراجك ولو بعد حين).
وفي ظل هذه الدولة الإسلامية العادلة كان الراكب يسير من بلاد الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً في دولة واحدة، وتحت رايةٍ واحدة، ليست هناك حدودٌ ولا حواجز تستوقفه لتقول له: من أنت؟ ولو قيل له: من أنت؟ لقال: أنا مسلم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله! في ظل العدل قامت هذه الدولة في مدةٍ وجيزة، لا تبلغ نصف قرنٍ من الزمان.
وفي ظل الجور الذي يعيشه العالم اليوم تمزقت الدولة الإسلامية، فأصبحت عشرات الدول.
فالعدل هو الذي يقيم الأمم كما أن الجور هو سبب دمار الشعوب والأمم، وشتان بين العادل والجائر؛ قال عليه السلام:(إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)، وأما القاسطون -وهم الجائرون- فيقول الله عز وجل عنهم:{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً}[الجن:١٥].