الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والشكر لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، بيَّن الحجة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته إلى يوم الدين.
أحبتي في الله! الموضوع هو:(عقبات في طريق الشباب)، نسأل الله أن يوفقنا للقول السديد، وأن يصلح البواطن، ويجعلها خيراً من الظواهر، ويجعل الظواهر صالحة، كما يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر:١٨].
أيها الإخوة! منذ أن أهبط الله عز وجل أبانا آدم وزوجه حواء إلى الأرض والصراع بين الحق والباطل على أشده، قال عز وجل:{اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}[طه:١٢٣]، هذا هو الصراع بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر، بين جند الرحمن وجند الشيطان.
ولقد كتب الله عز وجل في هذا الوجود أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والصراع الذي هو قديم قدم الحياة الدنيا بين الحق والباطل سيبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لكن هذا الصراع يتأثر بما حوله وما يحيط به من جنود لله عز وجل، فبمقدار ما يصمم المؤمنون على مصارعة الباطل ومجادلته ومجالدته ينخفض صوت الباطل، ويظهر صوت الحق، وبمقدار ما يضعف المؤمنون يتحرك دعاة الباطل في الظلام؛ لأنهم كالخفافيش لا يخرجون إلا حينما يُفقد الضوء، ولذلك كما أن لله جنوداً في السماوات والأرض فإن الحق ظهر، والحمد لله، وانقشعت سحابة الباطل يوم صمم المؤمنون على الجهاد في سبيل الله، والمسلمون في كل معركة من معاركهم يثبتون جدارة منقطعة النظير، والعدو الذي كان يخطط وينظم ويرتب لحرب الإسلام منذ غزوة الأحزاب وإلى يومنا هذا أظهر فشله وإفلاسه في حرب المواجهة، فاتجه العدو الحاقد للإطاحة بالأمة الإسلامية، كما قال تعالى:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ}[الصف:٨].