للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تجديد العهد مع الله تعالى]

إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى أن تجدد العهد مع الله عز وجل دائماً وأبداً، وفي ساعة الصفر التي تعيشها أمتنا ومنطقتنا هذه لابد من التوبة الصادقة، والاعتماد على الله عز وجل وحده، ولابد من تفقد أمور المسلمين، ونوجه هذا النداء أولاً إلى المسئولين عن هذه الدولة، ونظن فيهم خيراً كثيراً إن شاء الله.

ونقول: إن قوى البشر التي ملأت هذه الأرض لا تستطيع أن تدفع عنا أمراً من أمور الله عز وجل، والله هو الذي يدافع عن الذين آمنوا، وهذه القوى إنما هي أسباب قد تنفع وقد لا تنفع، فلابد من العودة إلى الله عز وجل، والله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وقد فتح تبارك وتعالى أبواب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، فلابد من إزالة كل محرم من المحرمات التي لا ترضي الله عز وجل حتى يتم النصر، ولابد من محاربة الربا، وإصلاح الإعلام، وإصلاح جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولابد من إصلاح أمور كثيرة يعرفها الناس، وهي من بدهيات هذا الدين، وهي تمثل المنهج السليم الذي يجب أن يكون عليه المسلم.

ولا نقول هذا الكلام لغاية ما؛ كما يفعل العلمانيون في أيامنا الحاضرة، والذين يريدون أن يربكوا الدولة في ساعة الصفر، ولكن نقوله ونحن على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى سوف ينصرنا بمقدار ما نعزم في قلوبنا على أننا سوف نصلح حينما تستقر الأمور وتعود إلى طبيعتها، فنحن لن نكون كالعلمانيين الذين ما إن طوق العدو بلادنا حتى بدءوا يربكون الدولة من الداخل، ويثيرون القضايا، لكننا سنقدم أنفسنا ودماءنا وكل ما نملك في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن أرض الإسلام؛ لا لأنها أرض وتراب، ولكن لأنها أرض الإسلام وأرض المقدسات، وهي معقل الإسلام الأول والأخير، وفيها قبلة المسلمين.

وإننا في نفس الوقت نطالب من المسئولين أن يستعرضوا الساحة التي يعيشون عليها، وما فيها مما يتنافى مع دين الله عز وجل، وتعاليمه وسلوكه وآدابه، بحيث يتم الإصلاح، وسوف يتم الإصلاح إن شاء الله بجرة قلم منهم إذا أرادوا؛ لأنهم يملكون هذا الأمر، ونحن نملك أن ندعو الله عز وجل أن يثبت أقدامهم ويوفقهم.

ولكن أيضاً لا ننسى أن الشعوب هي مسئولة عن كثير من هذه الأخطاء الموجودة في الساحة، فلابد لكل واحد منا أن يستعرض أمامه ما في بيته، أو ما يستطيع إنكاره مما حرم الله عز وجل، فيعاهد الله عز وجل على التوبة، والله سبحانه وتعالى كريم، {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى:٢٥]، ونصر الله عز وجل قريب: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:٥٦] فما علينا إلا أن نتعامل مع الله عز وجل بالإحسان، ثم بعد ذلك نأخذ بأسباب النصر ونعتمد على الله عز وجل.

أسأل الله سبحانه وتعالى في مثل هذه الظروف الشديدة أن يوفق ولاة المسلمين للعمل بكتاب الله وسنة رسوله عليه السلام، وأن يعينهم على إحقاق الحق وإبطال الباطل، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أن يفسد في هذه الأرض، أو يجر على هذه الأمة الويلات والفتن.

اللهم إنا نتوجه إليك -يا أرحم الراحمين- أن تردنا وأن ترد المسلمين إليك رداً جميلاً، ربنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين، اللهم إنا نشهدك ونشهد ملائكتك وعبادك الصالحين أننا ننكر كل معصية نراها أو نسمعها، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك، اللهم فلا تؤاخذنا بما كسبت أيدينا، ولا بما فعل السفهاء منا، واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم وأبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً، يعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا رب العالمين! اللهم إنّا نسألك نصراً مؤزراً مبيناً.

اللهم عليك بأعدائك الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، اللهم عليك بطغاة الأرض وجبابرتها، رب لا تذر على الأرض منهم دياراً، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر، وأرح المسلمين من شرهم، يا رب العالمين! اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، لا حول لنا ولا قوة إلا بك، اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم أن تزلزل الأرض من تحت أقدام أعدائنا، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين، اللهم انصرنا عليهم، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.