وبعد ذلك قد يتساءل بعض الناس ويقول: إن هذا نور جيد، فكيف نحصل على هذا النور؟ وما دام نور الإيمان لا يؤخذ بالنسب، ولا يؤخذ بالوراثة، ولا يؤخذ بالقوة والشجاعة، ولا يدرك بالذكاء فأين نجد هذا الإيمان؟ ومن يستطيع أن يحصل على هذا الإيمان؟ وكل واحد منا حتى الضالون يتمنون لو هداهم الله عز وجل، وكل واحد منا يتمنى أن تكون له ذرية تهتدي بهذا الهدى، فما هو الطريق؟ وما دام يهدي الله لنوره من يشاء فكيف نحصل على هذا النور في هذا القلب؟ ذكر الله تعالى كيف نحصل عليه، ومن يريد هذا النور فهو موجود، ومكانه واضح، وهو المساجد، فإنها هي التي يولد فيها هذا النور، ويترعرع وينمو فيها هذا النور، ولذلك أجاب الله تعالى على هذا السؤال، وهذا يسميه علماء البلاغة: استفهاماً بيانياً، إذ ليس هنا استفهام، لكن الاستفهام يفرض نفسه، فقد يقول السائل: أين يوجد هذا الإيمان الذي هو كمشكاة فيها مصباح والمصباح في زجاجة والزجاجة كأنها كوكب دري إلى غير ذلك؟ هذا الإيمان القوي العظيم الذي يضيء للقلب طريق الحلال من الحرام، والنافع من الضار، وطريق الجنة من طريق النار، أين يوجد؟ أجاب الله تعالى بأنه في المساجد، فابحثوا عنه في المساجد، ولا تبحثوا عنه في المسارح ولا أمام الأفلام، ولا في المواخير، ولا في دور القمار، ولا في دور السينما، ولا أمام المسلسلات والمحرمات، بل من أراد هذا الإيمان فليبحث عنه في المسجد؛ لأن المسجد هو التربة الصالحة النقية التي توضع فيها البذرة الصالحة، فتنبت الرجال الصالحين الذين تستفيد منهم الحياة.
قال تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}[النور:٣٦].
فليس موطن الإيمان غامضاً ولا خفياً، بل هو واضح، فالمساجد هي موقع هذا الإيمان، فرب نفسك في المسجد تجد أن الإيمان يملأ قلبك، ورب أولادك في المساجد في حلق العلم وحلق القرآن ومجالس الذكر، في الصلوات الخمس، ابتداءً من سن السابعة، وزد في سن العاشرة، واحذر أن يأتي سن البلوغ وأولادك بعيدون عن المساجد، وسوف تجد هذا النور ينمو في قلوب هؤلاء الأطفال، وفي قلوب هؤلاء الشباب.