كيف نشأ في عبادة الله؟ لقد تربى هذا الشاب في بيئة صالحة، رعته أبوة وأمومة تعطف عليه، وليست العاطفة هي السهر لمرضه، والبحث عن علاجه وعن قوته فحسب؛ لكنها العاطفة التي ترتبط بروحه، وتربيه تربية صالحة في بيئة طاهرة، ينشأ فيها هذا الشاب ليست ملوثةً بالأغاني، واللهو، واللعب، والعبث، والمحرمات إنه الشاب الذي ليست له صبوة، كما قال الرسول عليه السلام:(إن الله عز وجل يعجب من شابٍ ليست له صبوة!).
إننا حينما ننظر إلى شباب الصحوة اليوم نتذكر هذا العنصر من عناصر هذا الحديث الصحيح.
لقد مرت الأمة بظروف حرجة حتى كان يقول القائل: سينتهي الإسلام حينما يموت فلان وفلان من الناس، فإذا بها تخيب كل توقعاتهم، وتفسد كل حساباتهم، ويخر عليهم السقف من فوقهم، ويأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، في فترة كانوا يظنون أن الإسلام وأن الخير سوف يودع هذه الأمة بعد فترة وجيزة، فإذا بالأمور تنقلب رأساً على عقب:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}[المائدة:٥٢].
إن كثيراً من شباب الصحوة الإسلامية لم ينشأ حتى في بيت محافظ، ففي بيوتهم كثيرٌ من المحرمات، ولربما يكون سلوك الأب غير سلوك الابن لقد كان منذُ مدةٍ ليست بالقريبة يشتكي الآباء من الأبناء، وفي أيامنا الحاضرة نجد أن الأبناء هم الذين يشتكون من الآباء؛ إن هؤلاء الشباب الذين ولدوا على الفطرة هم الآن يعودون إلى الفطرة والحمد لله.
إن هذا الشاب الذي نشأ في عبادة الله لم يتربَّ في المسارح، ولا أمام الأفلام، ولا أمام الغانيات والراقصات، ولا أمام المسرحيات والمسلسلات هذه الوسائل المفسدة التي قد غزت جميع بيوت المسلمين؛ فلم تدع بيت شعر ولا مدر -إلا ما شاء الله- إلا ودخلته.
هؤلاء الشباب الذين تربوا على طاعة الله عز وجل، قد أغمضوا أعينهم عن كل هذه الوسائل، وإن كانت تغزوهم في عقر دارهم، وتتابعهم آناء الليل وآناء النهار، ولكن بالرغم من هذا يأبى الله إلا أن يتم نوره، وأن يظهر هذا النور على الدين كله، وأن يظهر هذا الخير في فترةٍ كانت الحسابات تقول غير ذلك.