[معنى قوله تعالى:(الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة)]
قال عز وجل:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ}[النور:٣٥]، أي: صفة نوره الذي وضعه في قلب عبده المؤمن {كَمِشْكَاةٍ}[النور:٣٥]، وكما قلت: التشبيه لا يكون في أسماء الله تعالى ولا صفاته، وإنما يدل ذلك على أن النور هنا نور الإيمان، ونور الإيمان مخلوق لله عز وجل يجوز تشبيهه.
وقوله:{مَثَلُ نُورِهِ}[النور:٣٥]، أي: مثل نور الله عز وجل، وقيل: إن الضمير يعود إلى القلب، أي: مثل نور القلب، وإن كان لم يرد ذكر للقلب، لكن يدرك ذلك بالاستقراء من هذه الآية.
وقوله:(كَمِشْكَاةٍ)، المشكاة أصلها الكوة الغير نافذة في الجدار، أي: فتحة في الجدار لكنها غير مفتوحة من الوراء؛ لأن الكوة إذا وضع فيها السراج تعكس الضوء إلى الأمام، بخلاف الكوة المفتوحة من الخلف فإنها تسمى نافذة، أما هذه الكوة فهي غير نافذة، فالنافذة تضيع نور السراج، لكن الكوة المقفلة من الخلف ليست نافذة ترد نور السراج إلى الأمام، ولذلك شبه الله نور الإيمان بنور سراج وضع في كوة.
وقوله:(فِيهَا)، أي: في الكوة، (مِصْبَاحٌ)، أي: سراج، (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ)، أي: زيادة على أن الكوة تدفعه إلى الأمام وضع على هذا السراج زجاجة؛ لأن الزجاجة بطبيعتها تصفي الضوء وتقوي النور، والزجاجة هي: جسم شفاف معروف.
وقوله:{الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}[النور:٣٥]، يعني: زجاجة لماعة، والكوكب هو: النجم اللامع في السماء، ودري من الدرء، وهو: الدفع، أي: كأنه كوكب يدفع الأضواء إلى الأمام، أي: أن هذا السراج في الكوة وضعت عليه زجاجة، والزجاجة صافية، حتى أصبحت هذه الزجاجة كأنها كوكب دري، أي: لماع في الأفق.