موقف آخر من مواقف يوم القيامة، يقول الله عز وجل عن هذا الموقف، وهو يصور لنا هذه الدنيا وهي في ضجة ورجة شديدة، وذلك حنيما تقوم الساعة وتتغير أنظمة هذا الكون، يقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}[الحج:١]، والزلزلة معناها: الرجة الشديدة، {يَوْمَ تَرَوْنَهَا}[الحج:٢]، يعني: الساعة، {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}[الحج:٢]، من يتصور أن الأم وهي أشفق الناس بولدها تنشغل عنه بشيء من الأشياء؟! ولكن يوم القيامة لشدته ولهوله ولعظمته تذهل هذه الأم المرضعة عما أرضعت وهو ولدها! بل إذا كان ولدها في جوفها فإنها تضعه قبل أن تتم المدة لماذا؟ لأن عذاب الله شديد:{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}[الحج:٢].
أيها الإخوان! هذا الموقف الذي يصل إليه الناس وهم مرتبكون، وهم في أشد وأحلك وأصعب ساعات حياتهم، وهم يسمعون القيامة بآذانهم، ويشاهدونها بأعينهم، ويرون هذه الأمور التي تحدث، والتي لا تطيق الأسماع أن تسمعها، ولا الأبصار أن تدركها، يرونها رأي العين ويسمعونها سماعاً حقيقياً؛ لأن هذا وعد لا يمكن أن يتخلف أبداً.