درس آخر: لما كانوا يخافون على أنفسهم من الفتنة كانوا يتضرعون إلى الله عز وجل -لأنهم يرون القسوة في المعاملة- أن يثبتهم الله على هذا الإيمان؛ لأن الإنسان مهما كان على جانب من الإيمان واليقين والتقوى لله عز وجل فهو على خطر من الزيغ أيضاً، ولذلك بالرغم من أن عندهم هذا الإيمان الصلب فهم يقولون:{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}[الأعراف:١٢٦]، يطلبون الوفاة على الإسلام، ولا يطلبون الحياة؛ لأن الوفاة على الإسلام أفضل لهذا الإنسان من الحياة على غير الملة، ولذلك هم خائفون، وهم هذا العدد الكبير الذي سوف يتعرض لهذه الفتنة العمياء الصماء البكماء، وهم ما زالوا حديثي عهد بإيمان، وبمعرفة الله عز وجل، وبمعرفة آياته، فهم يخافون أن يفتنهم هذا الرجل، أو أن يتراجع من تراجع منهم عن منهجه الذي عاهد الله عز وجل عليه، فعندما قالوا:{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}[طه:٧٢] خافوا أن يصاب أحد منهم بشيء من الخوف والذعر فيرجع من منتصف الطريق، فدعوا الله عز وجل وسألوه الثبات فقالوا:{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}[الأعراف:١٢٦] أي: توفنا على ملة الإسلام.