للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ولاء اليهود والنصارى بعضهم لبعض]

ثم يقول الله عز وجل بعد ذلك: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:٥١]، أي: بعض اليهود أولياء بعض من اليهود، وبعض النصارى أولياء بعض من النصارى، ويمكن أن يقال: (بعضهم) يرجع إلى اليهود والنصارى، و: (أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) أي: من اليهود والنصارى، على خلاف بين علماء المسلمين: هل هناك ولاء عميق بين اليهود والنصارى، مع أن الله تعالى قال: {وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} [البقرة:١٤٥]، أم أن اليهود والنصارى فرقة واحدة؟ وهم يرجعون إلى أصل واحد؛ لأنكم تعرفون في تاريخ الأديان أن النصارى فرقة من اليهود؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام حينما بعث إلى اليهود آمن به من آمن فسموا أنفسهم نصارى، فكان الذين اتبعوا عيسى عليه الصلاة والسلام من اليهود هم النصارى، والذين بقوا على دينهم ورفضوا ملة عيسى عليه الصلاة والسلام هم اليهود، لكن بالرغم من أن هناك صلة في النسب ولربما أن هناك عداءً في الأصل لكنهم يتفقون في حرب الإسلام، وصحيح أنه ربما تكون بينهم بعض الفوارق وبعض الحساسيات فيما بينهم، أي: فيما بين اليهود والنصارى، لكنهم يتفقون على حرب الإسلام، ولذلك لهم مواقف سجلها التاريخ اشتركت فيها جميع فئات الكفر، سواء كان ذلك في غزوة الأحزاب، أو كان ذلك في الحروب الصليبية، فنصارى العرب وضعوا أيديهم في أيدي نصارى الغرب، وفتحوا لهم البوابة التي هي لبنان، والتي هي دائماً مدخل البلاء والفتن على بلاد المسلمين، فتحوا تلك البوابة فجاءت هذه الأعداد الهائلة والسيل الكاسح من النصارى من بلاد الغرب، ونفذوا إلى المسلمين من جهة لبنان، واتخذوا من النصارى العرب جسراً للعبور إلى بلادهم، ولذلك نعتبر نصارى العرب هم أخبث أنواع النصارى؛ لأنهم يعيشون في بلاد الإسلام ولا يرعوون ولا يرجعون؛ ولأن قوميتهم ووطنيتهم التي يزعمونها لم تغن عنهم شيئاً.

يقول الله تعالى: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:٥١]، أي: بعض اليهود أولياء بعض، وبعض النصارى أولياء بعض، واليهود والنصارى أيضاً أولياء بعض حينما يريدون أن يتفقوا على حرب الإسلام، وإن وجد بينهم ما وجد من شيء من الخلافات السياسية أو المذهبية أو ما أشبه ذلك فإنما هي وقتيه، لكن حينما يكون الأمر في حرب الإسلام فإنهم أولياء بعض، كما أخبر الله عز وجل.

ولذلك في الحروب الأخيرة في حرب المسلمين مع أعدائهم نجد أن فئات الكفر كلها تتفق في صف واحد، فلم يبق هناك إلا معسكران: معسكر الإسلام ومعسكر الكفر، ومعسكر الكفر تلتقي فيه حتى الشيوعية وما يسمى بالوفاق الدولي الذي سقطت فيه الشيوعية من أجل أن تنضم إلى المعسكر الغربي من أجل حرب الإسلام، وهذا في الحقيقة أكبر دليل يوضح لنا قول الله عز وجل: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:٥١]، وكان بعض الناس يظن أن الكفر ملل، لكن الحقيقة أن الكفر ملة واحدة، لا تختلف يهوديته عن نصرانيته عن شيوعيته عن وثنيته عن علمانيته عن نفاقه عن أي بلاء من أنواع هذا البلاء.

ولذلك حكم الله تعالى بأن بعضهم أولياء بعض، والله تعالى هو أصدق الحاكمين وأصدق القائلين، ولذلك يجب علينا أن نقبل هذا الحكم حتى لا نغتر بنوع من أنواع الكافرين، فابتسامة النصارى في وجوه المسلمين ربما تخدعهم، فأصبح النصارى في نظر طائفة كثيرة من الناس أنهم إخوة للمسلمين، وأنهم يعطفون على الأمة الإسلامية، أما اليهود فإنهم يحاربون الإسلام.