للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوفيق بين التربية داخل المسجد واحتياجات العصر]

السؤال

كيف تكون التربية داخل المسجد؟ وهل هي في حضور الجماعات أم ماذا؟ وكيف يكون ذلك والعالم الإسلامي يحتاج الآن إلى معارف وعلوم شتى لا يمكن أن تكون داخل المسجد؟ وأنتم قد ذكرتم أن السلف تربوا داخل المسجد ونشروا الإسلام من داخل المسجد؟

الجواب

المسجد من أوله إلى آخره مركز تربية؛ ولذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نختار السن المناسبة لتربية الطفل، وهي التي ذكر علماء التربية أنها من سن السابعة، فنأمره بالصلاة، ومعنى ذلك أننا نذهب به إلى المسجد ليتربى هناك، والمسجد سواء كان في حضور صلاة الجماعة، أو في اللقاء بالصالحين، أو في تلاوة وتعلم القرآن، أو في التسبيح ومعرفة عظمة الله سبحانه وتعالى، أو في حلق الذكر ومجالس العلم، فهذا كله يعتبر تربية.

ونحن حينما نتحدث عن التربية في المسجد لا نريد أن نحصر العلوم كلها في المسجد، وإن كنا نتمنى أن يكون المسجد منطلقاً لكل علوم الإسلام وعلوم الدين والدنيا، لكنا نقول في أيامنا الحاضرة: لا يلزم أن يكون المسجد وحده هو المنطلق، بل يجب أن يكون هو المنطلق الأول! ونحن لا نقول للناس: ابقوا في المسجد، واتركوا طلب العلم، والكسب، والتحصيل، ولكنا نقول: خذوا من المسجد بالنصيب الأكبر، ونافسوا الناس على أمور الدنيا بحدود، وادخلوا الكليات العلمية: كالطب، والهندسة، وغير ذلك، لكن يجب أن تكون قلوبكم معلقة بالمساجد دائماً، واحذروا أن تضيعوا صلاة من الصلوات الخمس في المسجد؛ لتكون تربيتكم مرتبطة بهذا المسجد، أما أن نقول للناس: يجب أن تكون الجامعات والكليات كلها داخل المساجد، فهذا لا يلزم، وإنما الذي يلزم هو أن يكون للمسجد أوفر نصيب، أما في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانت هناك دور للعلم سوى المساجد، فكان المسجد يؤدي الدور الكامل، سواء من ناحية التربية العسكرية، أو التربية الدينية، أو ما أشبه ذلك.

المهم! أن المسجد له دور عظيم، ودوره ما زال باقياً، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وذلك لا يمنع أن يساهم الإنسان في أي جانب من جوانب الحياة الأخرى.