ذكر الله تعالى في كتابه أحوال المؤمنين الخلص، وأحوال الكافرين الخلص في الآخرة، لكننا لا نجد الكلام على الفاسقين من أهل الملة، فما هي الحكمة من ذلك؟
الجواب
لا؛ بل نجد أخبار الفاسقين، كما نجد أخبار الكافرين والمؤمنين، فالناس على ثلاث طبقات: طبقة مخلدة في نار جهنم: وهم الكافرون والمشركون، والذين يموتون على غير الملة، وطبقة في الجنة: وهم المؤمنون الموحدون الذين تخلصوا من المظالم والحقوق والمعاصي، وطبقة ثالثة: وهم المؤمنون الموحدون الذين لهم شيء من المعاصي، ذكر الله تعالى أخبارهم في القرآن، قال تعالى:{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}[الفرقان:٧٢]، وقد قال الله تعالى عنهم بعد ذلك:{وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً}[الفرقان:٦٨]، وذكر الله تعالى كثيراً من أخبار الذين يفعلون المعصية، لكن ذنوبهم تحت مشيئة الله تعالى وإرادته، فما داموا قد ماتوا على التوحيد وعلى ملة الإيمان بالله عز وجل وعليهم معاصٍ وحقوق، فهذه الحقوق إما أن تؤخذ حسنات مقابل هذه السيئات وهذه الحقوق، وإما أن تكون حقوقاً لله عز وجل، وإذا كانت حقوقاً لله عز وجل فإنها تبقى تحت مشيئة الله وإرادته، إن شاء عذب هؤلاء إذا كانت لهم الكبائر العظيمة، ثم يكون مصيرهم إلى الجنة، وإن شاء غفر لهم، وأشار الله عز وجل إلى ذلك بقوله:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨]، وقوله تعالى:(ما دون ذلك)، أي: ما دون الكفر والشرك، وقوله تعالى:(لمن يشاء) أي: لمن أراد أن يعفو عنه، أما من لم يعف الله عز وجل عنه فإنه قد يعاقبه بمقدار ذنوبه، ثم يكون مصيره إلى الجنة.