للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم إحياء ليلة النصف من شعبان]

السؤال

هل لليلة النصف من شعبان فضيلتها الخاصة؟ وهل يجوز إحياء هذه الليلة وتخصيصها بالذكر والقرآن والذهاب إلى المسجد الحرام وغير ذلك؟ نرجو من فضيلتكم تفصيل القول في هذه المسألة.

الجواب

ليلة النصف من شعبان ورد فيها دليل ضعيف: أن القرآن نزل فيها، لكن المؤكد أن القرآن نزل في رمضان، بدليل قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:١٨٦]، فالرأي القائل بأن القرآن نزل في ليلة النصف من شعبان يعتبر غير صحيح.

وحتى لو ورد فيها أفضلية، أو نزل فيها القرآن، فلم يرد لنا دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن سلفنا الصالح أن ليلة النصف من شعبان -أو غيرها من الليالي التي لم يرد دليل في إحيائها- لها عبادة خاصة، ولذلك فإن من صام يوم النصف من شعبان لأنه اعتاد أن يصوم أيام البيض فهذه سنة، لكن لو خص يوم النصف من شعبان بصيام فإننا نعتبره مبتدعاً في دين الله تعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).

إذاً: لم يرد في ليلة النصف من شعبان، ولا في يوم النصف من شعبان أي دليل، وعلى هذا فإن ليلة النصف من شعبان كسائر الليالي، ويوم النصف من شعبان كأي يوم من أيام النصف في الأشهر الأخرى، لا يجوز تخصيصه بعبادة، ونحن عندنا قاعدة: أن الأصل في العبادات هو التحريم، ولذلك لا يجوز لأي إنسان أن يحدث عبادة ليس عنده فيها دليل، بل إن من أحدث عبادة بدون دليل يكون أعظم عند الله عز وجل ممن ترك عبادة ورد فيها الدليل.

أعني: لو أن واحداً أفطر يوم النصف من رمضان، وآخر أحيا ليلة النصف من شعبان بدون عبادة، نقول: الأول أقل خطراً من الثاني؛ لأن الأول عاص، وأما الثاني فمبتدع، والبدعة أعظم عند الله عز وجل من المعصية، ولذلك فإن أصحاب النار إذا ألقوا في النار يقولون لمن أغواهم: {إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصافات:٢٨] أي: عن طريق الطاعة، أي: أغويتمونا بطاعات ما ورد عليها دليل من شرع الله سبحانه وتعالى.

وعلى كل يا أخي! الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فنقول: ما دام أنه لم يرد دليل في تخصص ليلة النصف من شعبان بعبادة، أو ليلة مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ليلة سبع وعشرين من رجب أو يومها، أو ما أشبه ذلك، ما دام لم يرد دليل فإن العبادة التي يحدثها الناس فيها تعتبر بدعة، وتعتبر ضلالة، وهي خطر أيضاً.

فأدعو إخوتي المسلمين أن نتقيد جميعاً بأوامر الله عز وجل، وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن عمل عملاً ليس عليه أمره صلى الله عليه وسلم فهو مردود عليه.

فصوم يوم النصف من شعبان بصفة خاصة، إلا إذا جعله من أيام البيض أو من العبادات التي كان يعبد الله بها، وأحياء ليلة النصف من شعبان تعتبر من البدع التي هي ضلالة.