أما جزاء الاستقامة في آخر لحظة من لحظات الحياة الدنيا فهي طمأنينة النفس وسعة الصدر، يضع الإنسان قدماً في الدنيا وقدماً في الآخرة أو في حياة البرزخ وهو مطمئن القلب، وهو مرتاح النفس، تنزل عليه ملائكته تبشره وتطمئنه، تبشره بما أمامه وتطمئنه على ما خلفه؛ لأنه استقام على دين الله، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ}[فصلت:٣٠] أي: في ساعة الموت {أَلاَّ تَخَافُوا}[فصلت:٣٠] مما أمامكم من أهوال يوم القيامة {وَلا تَحْزَنُوا}[فصلت:٣٠] على ما خلفتموه من ورائكم من الأولاد والأهل والذرية والمال، فما عند الله تعالى خير وأبقى مما خلفتموه وراءكم.
ولذلك فإن الإنسان في ساعة الموت بين هذين الجانبين يتنازعه الخوف والحزن، خوف مما أمامه من القبر والحياة الآخرة والحساب والميزان والصراط، ووراءه أيضاً متاع سيخلفه وراءه، فهو سينتقل من سعة الدنيا ومن قصورها ورياشها وأثاثها وخيراتها إلى قبر ضيق مظلم، فإنها تبشره وتقول:(وَلا تَحْزَنُوا) فإن الله تعالى سيعوضكم عما في الحياة الدنيا ما هو خير، ولذلك فإن الإنسان إذا كان يعيش في غرفة في هذه الحياة الدنيا فإن المؤمن سيفسح له في قبره مد بصره، وسيأتيه من روح الجنة وطيبها إلى أن تقوم الساعة، وسيتحول هذا القبر إلى روضة من رياض الجنة، وهذه نتيجة من نتائج الاستقامة.