للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم نظر المرأة إلى الرجل]

النساء مطالبات بغض البصر، يقول سبحانه: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١] أي: وقل -يا محمد- للنساء المؤمنات يغضضن من أبصارهن.

والغض معناه: إطباق الجفن على الجفن.

أي: عدم النظر إلى ما حرم الله، و (من) للتبعيض؛ لأن هناك نظرات مباحة.

وهنا يرد

السؤال

هل المرأة ممنوعة من أن تنظر إلى الرجل؟! جمهور العلماء على أنه لا بأس بنظر المرأة إلى الرجل بدون شهوة، وما ورد من حديث نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن النظر فالحديث فيه ضعف، لكن بشرط أن لا تكون هناك شهوة إذا نظرت المرأة إلى الرجل، فإذا كانت النظرة بشهوة كان الإثم، وكان ذلك وسيلة إلى الوقوع فيما حرم الله، ولذلك يقول الله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) لأن نظرة واحدة إلى رجل وضيء، أو إلى رجل قوي، أو إلى رجل وسيم قد تلفت نظر المرأة وتحرك شهوتها وتثيرها، كما أن نظرة الرجل إلى المرأة تثيره.

يقول عز وجل: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) وجه الخطاب للمؤمنات؛ لأن النساء الفاسقات لا يستحققن أن يوجه إليهن الخطاب، وإن كان الخطاب موجهاً للجميع، حتى الفاسق والفاسقة كلاهما مطالبان بعدم النظر إلى الحرام، لكن المؤمنون هم أولى من يأخذ بهذه الأوامر.

قوله: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) أي: فلا يقعن فيما حرم الله.

على المعنيين السابقين في الآية السابقة التي قبل هذه.

ويمكن أن يكون معنى قوله: (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) أي: لا يكشفن الفروج حتى لا ينظر إليها أحد من الناس فيقع في الفاحشة.

وهذا المعنى ضعيف، أما المعنى القوي فهو كما يوافق الآية السابقة: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) أي: لا ينظرن إلى ما حرم الله؛ فإن هذه النظرة قد توقعهن في الزنا؛ لأن المرأة قد تعشق الرجل كما يعشق الرجل المرأة.

ثم لما كان شأن المرأة أخطر وأعظم من شأن الرجل جاء التفصيل في النظر، ما هو النظر المباح، وما هو النظر المحرم، وإلى من يجوز أن تنظر المرأة، وإلى من لا يجوز أن تنظر، ومن يجوز أن تبدي له شيئاً من الزينة، ومن الذي لا يجوز لها ذلك عنده، هذه كلها قيود يلزم المرأة المسلمة أن تأخذ بها كاملة، سيما ونحن في عصر منيت الحياة فيه بفساد عريض، وانتشرت وسائل الحرام، فأصبح الأمر خطيراً، فأصبحت المرأة تكاد تكون عند طائفة من الناس مخيفة أن يبتلى أحد بشيء من البنات، وهو يرى الفساد يسري في المجتمع بهذا الشكل.

يقول الله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) الإبداء معناه: الإظهار، والزينة معناها: ما تتزين به المرأة، سواء أكان من جمال الجسد، أم من جمال الملابس، أم من الحلي، أم من الرائحة الطيبة، أم من تقاسيم الجسد إذا كانت تلبس الملابس الضيقة كما تلبس بعض النساء البنطال، أو كما يستعمل بعض النساء الملابس الشفافة، أم -على الأقل- الابتسامات والكلام الرقيق من النساء، سواء أكان بالهاتف أم من وراء الباب، أم أمام صاحب الدكان، كل هذا من الجمال الذي منعت المرأة أن تظهره.