[الآثار المترتبة على كون زعيم القوم أرذلهم وواجب المسلمين تجاه ذلك]
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(وكان زعيم القوم أرذلهم).
الزعيم هو صاحب السلطة أياً كانت هذه السلطة، سواءٌ أكانت سلطة كبرى أم دونها، والسلطة في العالم الإسلامي وفي الدولة الإسلامية يجب أن تكون للصالحين، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام كما حكى الله عنه قال:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}[البقرة:١٢٤] فكان جواب الله تعالى له أن قال: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة:١٢٤].
إذاً يجب أن تكون السلطة في أيدي الصالحين؛ لأنهم الذين يطبقون شرع الله ويحكمون بما أنزل الله ولا يبغون به بدلاً؛ لأنهم يعلمون أن من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر مرتد، وذلك لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة:٤٤]{هُمُ الظَّالِمُونَ}[المائدة:٤٥]{هُمُ الْفَاسِقُونَ}[المائدة:٤٧].
وهذه السلطة تعتبر نيابة من الله عز وجل واستخلافاً لرسوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأرض، فهو الخليفة الأول صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة، وما زال الخلفاء الراشدون ومن بعدهم يتوارثون هذا الحكم حسب المصلحة، حتى وصل إلى واقعنا اليوم.
يجب أن يكون أصحاب السلطة هم أقرب الناس إلى الله عز وجل؛ لأن الله تعالى يقول:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ}[البقرة:٤٤] لكن حينما يكون زعيم القوم فاسقهم تأتي البلية، ولربما يكون منهم كفرة طغاة كما نشاهده اليوم في جل العالم الإسلامي، فهؤلاء الزعماء يحكّمون شريعة الطاغوت وقوانين البشر، ويحكُمون الناس بالظلم والاستبداد، ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ولو كره المشركون.
وانظر -يا أخي- لترى من الذي يتولى أمور المسلمين اليوم في جل العالم الإسلامي؟! من هؤلاء؟! وستجد الجواب واضحاً حين تنظر إلى أفعال هؤلاء الحكام، إننا نخشى نزول العذاب إلا أن يعفو الله عز وجل ويتجاوز ويصفح؛ لأنه إذا كان زعيم القوم أرذلهم فحينئذ يأتي البلاء وتأتي الفتنة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي قادتنا وولاة أمر المسلمين كافة إلى الطريق المستقيم وإلى الجادة، فنحن نشكر الله على تطبيق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في بلادنا، ونرجو من الله عز وجل أكثر من ذلك، ونرجو أن يحارب الفساد في الأرض؛ فإن الله تعالى يقول لولاة المسلمين كافة:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}[الحج:٤١].
ولا أزيد على ذلك في هذا الموضوع، وإنما نحن نبحث عن العافية، لكن ليعلم أنه إذا ساد القبيلة فاسقها فانتظر العقوبة، وإذا أردت الدليل على ذلك فليس هناك أدل من كلام الله وكلام رسوله، فانظر ماذا حدث في لبنان؟ وماذا يحدث في كل مكان من الأرض؟ أين الأندلس؟ وأين فلسطين؟ وأين أماكن كثيرة؟