للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صلاح الأمم بوجود المصلحين وهلاكها بفقدهم]

إنّ المصلحين إذا فُقدوا من الأرض، أو تهاونوا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإن الجو يخلو للمفسدين ليعثوا في الأرض فساداً، وإذا كان الأمر كذلك فإنه بداية النهاية، وهو سبب دمار العالم، ولذلك نقول للناس: اتقوا الله وكونوا من المصلحين، ونقول: إن الله تعالى مدح المصلحين ولم يمدح الصالحين، فالصالح بنفسه الذي لا يصلح أوضاع الناس قد لا يخلص نفسه من عذاب الله عز وجل، فضلاً أن يخلص غيره؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧]، فكون أهلها صالحين لا يكفي، بل لابد أن يكون أهلها مصلحين، فإذا وجد المصلحون فهم علامة بقاء هذه الأمة، ومع ذلك فإني أعجب كل العجب كيف يكافَح المصلحون في الأرض؟! وكيف توجه لهم التهم؟! وكيف يوجه لهم الأذى؟! وكيف تشل حركة الدعوة إلى الله؟! وكيف تشل حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم سبب بقاء هذا العالم؟!! واعلم أنه بمقدار ما يكون في الأمة من المصلحين يكون نصيبها من الخلود والبقاء في الأرض، ونقصد بالخلود طول العمر، وبمقدار ما يُفْقَدُ هؤلاء المصلحون تكون هذه الأمة هينة، ولا يبالي الله عز وجل بها أبداً، وتسقط من عين الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المصلحين، وأن يوفق للأمة الإسلامية قادة رشداء، وأن يهيئ لها أمراً رشيداً يعز فيه أهل طاعته، ويذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، وأن يجعل ولاة أمرنا وولاة أمر المسلمين كافة من الذين قال فيهم: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:٤١].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.