[إكرام الإسلام للمرأة زوجة]
لقد أمر الإسلام باختيار الزوجة الصالحة مع عدم الاهتمام بالمال والمركز والجاه وغير ذلك، فيقول الله عز وجل: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٢]، ويقول عليه الصلاة السلام: (إذا خطب منكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).
وكما أمر باختيار الرجل الصالح للمرأة الصالحة، أمر أيضاً الرجل أن يختار المرأة الصالحة أيضاً، فيقول عليه الصلاة والسلام: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة الحسناء الجميلة إذا نبتت في منبت السوء فيقول: (إياكم وخضراء الدمن) وهي المرأة الجميلة تنبت في منبت السوء.
ونهى عن العضل، وهو: منعها من الزواج حين يتقدم لها الكفء الصالح، قال الله عز وجل: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:٢٣٢]، ولقد نزلت هذه الآية حينما طلق أحد المسلمين زوجته، ثم انتهت العدة فأراد أن يتزوجها مرة أخرى، فرفض أخوها وأقسم ألاّ يزوجه إياها مرة أخرى بالرغم من أنها تريد الرجوع إلى زوجها الأول؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
إذاً: فلها الحق في اختيار زوجها السابق إذا رغبت فيه، واعتبر العاضل إذا منع موليته من النكاح مسئولاً عما تحدثه من فاحشة، يقول عليه الصلاة والسلام: (من منع موليته فوقعت في شيء فعليه إثمها).
وجعل لها الحق في اختيار الزوج الكفء؛ فلا يجوز إجبارها على رجل معين لا تريده، فيقول عليه الصلاة والسلام: (لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن).
وخيّر الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة حينما زوّجها أبوها بدون إذنها، فخيرها بين الاستمرار أو الفسخ، فاختارت الاستمرار، وقالت: أريد أن يعرف الآباء أن ليس لهم أمر في إكراه بناتهم.
وجعل الصداق حقاً لها، فيقول الله عز وجل: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:٤].
وأمر الرجال بدفع المال للمرأة -إذا أراد أن يتزوجها- طيبة به نفسه، واعتبره ملكاً للمرأة نفسها تتصرف فيه كيف شاءت إذا أحسنت التصرف.
وحتى بعد الزواج فإن الإسلام لا يترك الرجل يعبث بحقوقها كما في أمر الجاهلية، بل هناك آداب حتى على فراش النوم! فأمر الله عز وجل بحسن المعاشرة، يقول سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [النساء:١٩]، وجعل لها مثل ما للرجل، إلا أنه جعل للرجل درجة في قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:٢٢٨]، ويقول سبحانه وتعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران:٣٦].
وأمر كلاً من الزوجين بحفظ سر الآخر ونهى عن إفشائه، ففي الحديث: (إن شر الناس يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة، والمرأة تفضي إلى الرجل، ثم ينشر سرها) يعني: يعطيها أو تعطيه سراً لا يريدان أن يطلع عليه أحد.
وكان من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يساعد أهله في بيته، ويقوم في خدمتهم، كما أنه أيضاً كان يتولى خدمة نفسه.