فالإنسان إذا اؤتمن على شيء فعليه أن يؤدي هذه الأمانة حتى يسلمها لصاحبها، فإذا ائتمنته الدولة على أمر من أمور المسلمين فعليه أن يؤدي هذه الأمانة ما لم تكن هذه الأمانة تضر بمسلم من المسلمين، وتخالف أمراً من أوامر الله عز وجل، فإن الأصل هو أداء هذه الأمانة، وخيانة هذه الأمانة عظيمة عند الله عز وجل، ولو كانت حسب رأي العين أمراً صغيراً، وإذا كان الإنسان يخاف على نفسه أو ماله أو ولده فيخون هذه الخيانة فإنها خيانة لا تغتفر إلا أن يتوب هذا الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى، ولذلك الله تعالى يقول:(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)، كما أشار أبو لبابة إلى أن له أولاداً في بني قريظة يريد أن يحافظ عليهم حينما أشار إلى رقبته، الله تعالى: هذه هي الفتنة وهذا هو البلاء، أن يكون للإنسان ولد، فيضيع دينه من أجل هذا الولد، كما يضيع كثير من الناس اليوم دين ولده بسوء التربية، وعدم إلزام هذا الولد وهذه الذرية بأوامر الله سبحانه وتعالى.
(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ): ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى.
(وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ): خير من المال والولد، أنت قد تدافع عن ولدك فتضر بالمسلمين، والله تعالى عنده لك خير من هذا الولد، أنت قد تضر بالمسلمين من أجل أن تحتفظ بمالك، أو أن تدافع عن مالك، أو أن تكسب مالاً في سبيل الإضرار بالأمة الإسلامية، فالله تعالى عنده خير من هذا المال الذي تدافع عنه، والذي من أجله تضحي بدينك، وهذا هو معنى قوله تعالى:(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).