إخواني في الله! قد لا تتسع بعض العقول لمثل هذه الأشياء، وقد يستعمل أقوام المقاييس المادية ويقولون: أين حياة البرزخ؟ ولو فتشنا عن أي إنسان في قبره لما وجدنا أن هناك منكراً ولا نكيراً، ولا أنه يسأل، ولا أنه يجيب، ولا وجدنا أي شيء من ذلك، ولو وضعنا جهازاً للتسجيل لما التقط هذا الجهاز أي شيء مما تقولون! يريدون بذلك أن يقيسوا الحياة الدنيا بالحياة الآخرة.
والحقيقة أن هؤلاء الذين يقولون مثل هذه المقالات يرد عليهم من وجوه: الأول: أنهم لم يستطيعوا أن يعثروا على كثير من أسرار الحياة الدنيا، بل على جُلّ أسرارها، فكيف يفكرون أن يعثروا على أسرار الحياة الآخرة وحياة البرزخ؟! الأمر الثاني: أن الله عز وجل ألقى بيننا وبين حياة البرزخ وبين الحياة الآخرة هذا الستار المتين؛ بحيث يكون الابتلاء والامتحان، ولو كان الأمر مكشوفاً كما يريد هؤلاء لما حصلت الحكمة من هذا الامتحان، ولكن الله عز وجل يريد أن يمتحن العقول والإيمان.