للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع رفعة بيوت الله عز وجل]

والله تعالى هنا أذن أن ترفع، والرفعة تشمل أمرين: الأمر الأول: الرفعة الحسية، وهي بناء المساجد، وليس المقصود بالرفعة رفع سقوف المساجد، بل معنى رفعها بناؤها، بأن توجد رفيعة عالية، وليست عالية السقف، وإنما عالية البناء، أي: أنها وجدت وأنشئت، وأقيمت واحترمت وأكرمت.

الأمر الثاني: الرفعة المعنوية، والمراد بها الطهارة والنظافة، فبيوت الله عز وجل أولى بالطهارة والنظافة.

وأيضاً الرفعة المعنوية بتعظيمها والمحافظة على الصلوات الخمس فيها، والمبادرة بعد الأذان إليها، وعمارتها بتلاوة القرآن وبالذكر والتسبيح والتهليل وحلق العلم إلى غير ذلك، ولذلك كان أحب عباد الله عز وجل أسبقهم إلى المساجد؛ لأن المساجد بيوت الله.

ولذلك فإننا نعجب حينما يكون هناك أمر يستدعي أن يفهم المسلمون دينهم في مسجد من مساجد الله، وفي بيت من بيوت الله ثم يتخلف كثير من المسلمين عن هذا الأمر! ويتخلفون عن حلق الذكر التي يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟! قال: حلق الذكر)، أي: مجالس العلم، فعلى المسلمين أن يتسابقوا إليها.

وهنا يقول الله تعالى: (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) والمراد بذكر اسمه سبحانه وتعالى: الصلوات الخمس، وتلاوة القرآن، والتسبيح والتهليل (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، والذي لا يستطيع تلاوة القرآن عليه أن يشغل لسانه بذكر الله، ويكثر من سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وإذا كان يجيد شيئاً من القرآن فلا يغفل عنه، ولا ننسى أن سورة (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن، وهذه نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه وتعالى.

المهم أن يشغل هذا الإنسان لسانه بذكر الله عز وجل؛ حتى لا ينشغل بمعصية الله.

ومن رفعة بيوت الله عز وجل ألا تتخذ وسيلة للبيع والشراء، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أننا إذا سمعنا من يبيع ويشتري في المساجد أن نقول: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأينا من ينشد فيها ضالة نقول: لا ردها الله عليك، ولا تنشد فيها أشعار، ولا يقال فيها إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى، ولا يخاض فيها بشيء من أمور الحياة الدنيا، فكل ذلك يدخل في رفعة هذه المساجد، حتى قال بعض العلماء: النوم في المسجد يتنافى مع قول الله عز وجل: (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)، ولكن نستطيع أن نقول: لا بأس بالنوم في المسجد عند الحاجة كأن يكون معتكفاً، أو لابن السبيل، أو لمن لا أهل له ولا دار أو ما أشبه ذلك، فهذه المساجد لا مانع من النوم فيها، وذلك لا يتنافى مع رفعتها.