يأتي بعد ذلك دور مهم من أدوار حماية المجتمع من الفاحشة وهو دور الزواج: يقول الله عز وجل عنه وهو يثبت أنه آخر وسيلة من وسائل حماية المجتمع من الفساد: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور:٣٢]، وفي نفس السورة:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النور:٣٢ - ٣٣].
إذاً: خمسة أشياء جاءت في هذه السورة آخرها الزواج.
والإسلام دين واقعي يواجه الأمور على حقيقتها، وليس ديناً يعيش في عالم الخيال كما توجد أنظمة صنعها البشر للبشر لا تقدر العاطفة، ولا الواقع، ولا تواجه الأمور على طبيعتها، فالشهوة طبيعية وفطرية في هذا الرجل بل وفي المرأة، ولما حرم الإسلام الزنا لابد أن تصرف هذه الشهوة مصرفاً طبيعياً مباحاً، لذا كان الزواج هو الطريقة الوحيدة لصرف هذه الشهوة فيما أباح الله عز وجل، ولذلك ذكر الله تعالى الزنا في أول هذه الآيات، وذكر الزواج في آخر هذه الآيات؛ حتى يعرف الإنسان كيف يتصرف، وكيف يشبع هذه الشهوة الفطرية مما أباح الله عز وجل بدلاً مما حرم الله سبحانه وتعالى؟ ولذلك نقول: الزواج حصن منيع كما أخبرنا الله عز وجل، فقال سبحانه وتعالى للمتزوجات:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء:٢٤]، وسمى المتزوج أيضاً محصناً، وقال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم:(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج)، ومعنى أحصن: أي كالحصان، فالإنسان المقاتل إذا ركب الحصان يمتنع ويحمي نفسه من القتل غالباً، وكالحصن الذي يتستر فيه الإنسان في المعركة، فيحميه من وقع السهام، فالمتزوج كأنه وقع في حصن، أو كأنه ركب حصاناً فيتقي شر عدوه، ولذلك نقول: الزواج هو الوسيلة الخامسة من الوسائل الخمس التي أرشد إليها الله عز وجل لمكافحة الجريمة، هذا هو المنهج السليم الذي دعانا الله عز وجل إليه، وبعد ذلك لنعرج إلى موضوعنا الذي اختاره الإخوة، وهو المرأة المسلمة وما يراد بها.