[أجر المرأة إذا صبرت على شظف العيش وحقها في طلب الفراق]
قال تعالى:{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[الأحزاب:٢٩]، أي: البقاء في عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في عصمة رجل صالح، مع شظف العيش وقلة المال:{فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:٢٩]، وجواب الشرط محذوف: أي: وإن كنتن تردن الله ورسوله فإن ذلك خير لكن (فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً) وهذا دليل على أن الأجر عظيم إذا تحملت المرأة شظف العيش مع زوجها، لاسيما إذا كان الزوج معسراً، مع أن الإسلام أعطى المرأة حق طلب الفراق إذا أعسر الزوج، وهذا من تكريم الله عز وجل للمرأة، فإذا أعسر الزوج -ولو كانت المرأة غنية، لكنها لا تريد أن تنفق على نفسها من مالها- فلها أن تطلب الطلاق، والعلماء يقولون: يفرق بينهما، فأي تكريم للمرأة أعظم من هذا التكريم؟! قاتل الله أعداء الإسلام الذين يتهمون المرأة بالإهانة.
لو كانت هي موسرة والزوج معسراً وعندها مال كثير جداً فإنها لا تلزم بالنفقة على نفسها، فلها أن تطلب الفراق إذا عجز الزوج عن النفقة، لكن خير لها أن تبقى في عصمة رجل صالح ولو كان معسراً ما دامت تجد أن هذا الرجل فيه صلاح وتقى، وذلك خير لها من أن تتحمل رجلاً فاسقاً ولو كان صاحب مركز، ولو كان أثرى الناس، ولو كان يملك كل أموال الحياة الدنيا، ولذلك يقول الله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ}[الأحزاب:٢٩]، فالصبر على شظف العيش مع الزوج الصالح هو ابتغاء مرضاة الله ورسوله، وابتغاء الدار الآخرة، والمراد بالدار الآخرة هنا الجنة.
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}[الأحزاب:٢٩]، وهذا أعظم درجة الإحسان، أن تتحمل المرأة شظف العيش عند الرجل الصالح، ما دام هذا الصالح يوجهها إلى ما يرضي الله عز وجل.