الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين.
أما بعد: أيها الإخوة في الله! إن القلوب ثلاثة: قلوب منيرة، وهي قلوب المؤمنين، وهي التي تتربى في المساجد، ولا تتربى في المسارح، ولا تتربى في دور الدعارة، وإنما تتربى في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
وعلى خلاف ذلك قلوب أخبر الله عز وجل عنها أن أعمالها كسراب بقيعة؛ لأن أعمالها ظاهرها الخير، وباطنها السوء.
القلوب الثالثة: قلوب مظلمة، نعوذ بالله منها! ظاهرها وباطنها كله ظلام، كما قال عز وجل:{كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}[النور:٤٠].
والناس في هذه الحياة الدنيا إما أن يتربوا في المساجد؛ فتكون قلوبهم {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}[النور:٣٥]، أو يتربوا في خلاف المساجد؛ فتكون قلوبهم مظلمة، أو أن أعمالهم ظاهرها الخير وباطنها السوء، ولعل المجال يفسح لنا في وقت لاحق إن شاء الله حتى يكون حديثنا عن هؤلاء الأجناس الثلاثة.