لقد كثرت في عصرنا الحاضر التقلبات والاتجاهات، وظهرت أفكار جديدة لم تُعهد من قبل، تسربت هذه الأفكار إلى المسلمين وكأنها جزء من هذا الدين، وقد يتباكى أصحابها على الإسلام في الظاهر، ويلفون هذا الجرائم وهذه الأفكار المنحرفة بلفائف ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب، ثم يغتر كثير من الناس بهذه الدعايات، لاسيما إذا كان أصحاب هذه الدعايات من أبناء جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا.
إذاً: فما هو المخرج؟ المخرج قوله تعالى:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}[هود:١١٢].
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من ميزة آخر زمان هذه الأمة أن تكثر الأهواء والفتن، وأن يكون لهذه الفتن آثار في حياة الناس، وهذه الآثار تبرز في استقامة هؤلاء الناس، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(ستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا) وقال: (ألا إنها ستكون فتن، ثم ألا إنها ستكون فتن، ثم ألا إنها ستكون فتن، قالوا: وما المخرج منها يا رسول لله؟ قال: كتاب الله وسنتي).
وهذه الفتن التي نعيشها اليوم هي -والله- كقطع الليل المظلم، يرقق بعضها بعضاً كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءت الفتنة قال المرء: هذه مهلكتي، فإذا جاء ما بعدها قال: تلك أهون من هذه.
والخلاص منها يكون بالاستقامة على دين الله، فإنّ الدين واضح، والمحجة بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك.
وقد نلاحظ في حياة الناس هذا التقلب في كثير من الأحيان، ولا يكاد الإنسان يسر بأن فلاناً من الناس قد استقام على دين الله بعد أن كان منحرفاً، إلا ويفاجأ -في بعض الأحيان- بأنّ فلاناً قد انحرف عن هذا الدين؛ لنشاط دعاة الباطل، وضعف دعاة الحق، ولوجود بيئة متلوثة في العالم الإسلامي كله، وهذه البيئة المتلوثة فيها من الفتن ما قد يؤثر على عقول كثير من أبناء المسلمين.
إنّ المؤمن مطالب بالاستقامة والثبات على الحق ولو انحرف كل الناس، بحيث لا يرتبط هذا المرء بغيره من الناس ارتباطاً يجعله ينحرف معهم، وإنما يرتبط بهم ارتباطاً يجعله يستقيم معهم إذا استقاموا، فإذا انحرفوا لزم المنهج الصحيح ولو لم تكن الدنيا معه بل ضده، ويتمثل بقول الشاعر في حق الله عز وجل: فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب