[المقصود بالتسبيح في قوله تعالى:(يسبح له فيها بالغدو والآصال)]
ثم قال تعالى:{يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ}[النور:٣٦]، وفي قراءة سبعية:(يُسَبَحُ له فيها بالغدو والآصال)، والمراد بالتسبيح: الصلوات الخمس؛ فأكثر ما يستعمل التسبيح في الصلوات الخمس، ولا يمنع أن يدخل في ذلك بقية الأذكار: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لكن كلمة (تسبيح) الأصل فيها هي الصلوات الخمس، ولذلك الله تعالى قال:(بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ)، والغدو هي: صلاة الفجر، والآصال أربع صلوات، فوضعت صلاة الفجر في كفة، والصلوات الأربع الأخرى في كفة أخرى! فليس هناك صلاة في الغدو إلا صلاة الفجر؛ لأن الغدو ما بين نصف الليل إلى الزوال، وليس فيه إلا صلاة واحدة وهي صلاة الفجر، فالغدو معناه: أول النهار، ويدخل فيه آخر الليل.
أما الآصال فتدخل فيه الصلوات الأربع: الظهر؛ لأنها في الأصيل بعد زوال الشمس، والعصر كذلك، والمغرب والعشاء، فكل هذه في الآصال.
إذاً: جعل الله عز وجل صلاة الفجر في كفة، والصلوات الأربع الأخرى في كفة أخرى؛ لأهمية صلاة الفجر.
صلاة الفجر التي إن قصر الليل قال الناس: لا نستطيع أن نصلي الفجر؛ لأن الليل قصير، وإذا زاد الليل قالوا: الليل بارد يصعب علينا أن نصلي الفجر، وهكذا تضيع الحياة، والإنسان يتقلب في فراش النعمة وفي الرخاء، ويغفل عن القبر وما فيه من أهوال ومخاوف ومخاطر، ولربما لا يستيقظ لصلاة الفجر إلا بعد طلوع الشمس، نسأل الله السلامة والعافية! فيوشك أن يكون من الذين قال الله فيهم:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[مريم:٥٩]، وقال:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون:٤ - ٥]، وهذا يوجد عند كثير من المسلمين الذين لا يقومون لصلاة الفجر إلا بعد طلوع الشمس، نسأل الله العافية والسلامة.