ثم بعد ذلك قضى موسى الأجل، كما أخبر الله عز وجل:{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ}[القصص:٢٩] , فيجب الوفاء بالعقود، كما قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة:١] , فالوفاء بالعقود أمر طبيعي، وواجب يجب على المسلم أن يحافظ عليه، ويجب الوفاء بالشروط أياً كانت هذه الشروط، ما دامت لا تحل حراماً ولا تحرم حلالاً، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً)، أما الشروط التي لا تحل حراماً ولا تحرم حلالاً؛ فإنه يجب الوفاء بها أياً كانت هذه الشروط، سواء كانت بين الزوجين، أو بين الأجيرين، أو بين أي واحد من الناس؛ لأن الله تعالى قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة:١] , وعلى هذا نقول: إن الأمة الإسلامية مطالبة بأن تطبق هذا القرآن منهج حياة، فليست قصصاً تتلى، وليست أشياء مسلية، وإنما هي أحكام يجب أن تنفذ، وحينما يقص الله عز وجل علينا قصة أمة من الأمم يقول:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ}[يوسف:١١١]، فهذه العبرة يجب أن تؤخذ كمنهج حياة لأمة من الأمم, والقاعدة الشرعية أن منهج المرسلين عليهم الصلاة والسلام مع الأمم هو منهجنا، لا يختلف إلا إذا جاء شرعنا بخلاف ذلك, فإذا جاء شرعنا بخلاف ذلك فإن شرعنا يتقدم, وإذا وافق شرعنا ولم يأت شرعنا بخلاف ما جاءت به الشرائع السابقة فإن ذلك يجب أن يكون منفذاً، ولذلك هذا القرآن خلق عظيم، كما قال الله عز وجل:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:٤]، وفسرته عائشة رضي الله عنها في قولها حينما سئلت عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم قالت:(كان خلقه القرآن)، والمسلم حينما يقرأ القرآن عليه أن يأخذ منهج حياته من كتاب الله عز وجل، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين.