كيف يعبد الإنسان ربه في عموم أحواله، حيث قال عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦]؟
الجواب
هذا السؤال غامض! فالمسلم يعبد الله في كل أحواله، ولابد أن يكون على بصيرة، ولعله يقصد: ما هي الطريقة إلى عبادة الله عبادة صحيحة؟ والجواب: أن يكون على بصيرة، والبصيرة: هي العلم، والعلم يجب على المسلم في حدود ما يعرف به الله عز وجل، وما يعرف به قدرة الله سبحانه وتعالى، وما يعرف به كيف يؤدي الفرائض، وكيف يجتنب المناهي.
فعبادة الله تعالى على بصيرة واجبة، ويكون ذلك عن طريق العلم، ولذلك فإن الله عز وجل أمر الناس بأن يتعلموا فقال:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:٩].
ومدح العلم والعلماء، واعتبرهم ورثة الأنبياء، وجعل حتى الحيتان في البحر تستغفر لهم، والملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، كل ذلك من أجل أن يعرف الإنسان ربه معرفة حقيقية، وأن يعبد الله عبادة توافق المنهج الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فهذه هي الطريقة التي يجب أن يعبد الإنسان فيها ربه، وذلك بأن يكون على بصيرة، وأن يكون على هدىً من الله، وأن يكون متابعاً لرسوله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك يا إخواني! لو نظرنا في كثير من عبادات الناس في العالم الإسلامي لوجدناها على غير بصيرة، نسأل الله العافية.
وكثير من الناس أحدثوا في دين الله أموراً لم يشرعها الله، وتركوا واجبات فرضها الله عز وجل عليهم، وهذا هو الخطأ، وهذا يتنافى مع شهادة أن محمداً رسول الله؛ لأن معنى (أشهد أن محمداً رسول الله): طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، وألا نعبد الله إلا بما شرعه.
ولذلك فإن أصحاب البدع والخرافات الذين أحدثوا في دين الله ما لم يأذن به الله، هم الآن يعبدون الله على غير بصيرة، ويقلدون الآباء والأجداد والمشايخ ولو كانوا على غير بصيرة، ويتركون الهدى الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى.
وهذه هي المشكلة التي يعيشها كثير من العالم الإسلامي، فأصبحت البدعة لدى طائفة منهم سنة، وأصبحت السنة لدى طائفة منهم بدعة، وكثرت المعاصي عقوبة على هذه البدع، وجاء الشيطان قوماً عن طريق البدع، كما جاء آخرين عن طريق المعصية.